Fintech 24

عمالقة التجارة الإلكترونية أكبر الرابحين من كورونا

التجارة الإلكترونية
التجارة الإلكترونية

مع بدء تخفيف القيود المفروضة على المواطنين في العديد من دول العالم بعد عبور ذروة انتشار فيروس كورونا المستجد، ربما يكون الوقت قد حان لمحاولة رؤية المشهد العام لما خلفته هذه الأزمة وأثره على المستقبل.

والملمح الأساسي هو الخسائر الفادحة في العديد من القطاعات التي تأثرت بشدة، ولكن على عكس هذا الاتجاه، تمكنت العديد من الشركات والقطاعات من تحقيق الأرباح والنجاح في قلب العاصفة، وأغلب تلك النجاحات تحققت بين شركات التكنولوجيا التي كانت طوق النجاة في العديد من الحالات.

في البداية، يمكن القول إن ما كشفت عنه أزمة كورونا هو الأهمية الفائقة التي أظهرتها شبكة الإنترنت، حيث كانت الأمور ستختلف كثيراً لو لم يكن لدينا الإنترنت للمساعدة على التواصل والعمل والتعليم والشراء والاحتفاظ بالعقل والسلام النفسي خلال فترة التباعد الاجتماعي، ومع الإنترنت أيضاً أصبحت كل الخدمات المصرفية متاحة عن بعد، بالإضافة إلى التسوق ومشاهدة الأفلام، وجميع هذه القدرات أصبحت ممكنة نظراً للخطوات الكبيرة التي قطعها العالم في مجال الاتصالات على مدى الـ30 عاماً الماضية تقريباً، ومن الشبكة انطلقت باقي الخدمات الناجحة التي أنقذت العالم في الكثير من المجالات.  

ويمكن القول إن أكبر المكاسب التي تحققت خلال تلك الفترة جاءت لصالح عمالقة التجارة الإلكترونية، حيث شهد العديد منهم زيادة هائلة في عدد الطلبات مع لجوء المستهلكين المعزولين ذاتياً إلى شبكات التوزيع والتسليم الضخمة لتوفير الضروريات اليومية، وفي الوقت الذي هبطت فيه البورصات الدولية حول العالم في منتصف مارس الماضي شهدت أسهم عملاقي التجزئة الأمريكيين «وولمارت» و«أمازون» تراجعاً مؤقتاً، ولكن بعد فترة قصيرة للغاية ارتفعت أسهم وولمارت بنسبة 25% بينما تعافت أمازون بدرجة كبيرة.

وتوقعت وكالة «بلومبرغ» الإخبارية في تقرير لها أن ترجع أمازون من أزمة كورونا أقوى من أي وقت مضى، فالشركة التي تتخذ من مدينة «سياتل» الأمريكية مقراً لها، والتي تبيع الكتب والسلع المنزلية والمنتجات الأخرى عبر موقعها الإلكتروني الرائد في البيع الإلكتروني، تتحكم أيضاً في متاجر البقالة Whole Foods وتقدم خدمات سحابة الحوسبة بالإضافة إلى خدمات الفيديو عبر الطلب.

وحقق، المؤسس والرئيس التنفيذي للشركة جيف بيزوس والذي يمتلك 11% من أسهمها، زيادة في ثروته بلغت 24 مليار دولار خلال عام 2020 فقط بتأثيرات أزمة كورونا، وذلك وفقاً لمؤشر بلومبرغ للميارديرات، ليدعم موقفه باعتباره أغنى شخص في العالم. وقالت أمازون في بيان رسمي: «نشهد زيادة في التسوق عبر الإنترنت، ونتيجة لهذا الأمر فقد نفدت بعض المنتجات مثل المواد الغذائية المنزلية واللوازم الطبية»، وبلغ رواج الطلبات على أمازون الحد الذي جعل الشركة تعمل على إضافة 100 ألف وظيفة جديدة للتعامل الطلبات الجديدة.

إضافة إلى ذلك شهدت سلاسل المتاجر الكبرى ارتفاعاً في قيمتها السوقية في مختلف دول العالم، الأمر الذي يجعلها أحد القطاعات الرابحة من الأزمة، وحتى مع المتاجر الأقل شهرة حققت التجارة الإلكترونية رواجاً هائلاً، فعلى سبيل المثال أوقفت شركة «أوكادو» للبيع الإلكتروني تسلم الطلبات الجديدة حتى تتمكن من توريد قوائم الطلبات المتراكمة.

ومع هذا الازدهار اتجهت شركات البيع الإلكتروني إلى التكنولوجيا الحديثة لإدارة الطلبات الهائلة، حيث استخدمت بعضها طائرات «الدرونز» في توصيل الطلبات، بينما اتجه البعض الآخر إلى المركبات ذاتية القيادة لتوصيل الشحنات إلى المناطق الوعرة أو الخطرة، وهو ما استخدمته شركة JD عملاق التجارة الإلكترونية بالصين لتوصيل المواد الغذائية والإمدادات الطبية إلى مدينة ووهان بؤرة انطلاق الفيروس، وفي مثال آخر، أطلق تطبيق توصيل الطعام في المملكة المتحدة «ديليفروو» خدمة التوصيل دون اتصال والتي تتيح توصيل الطلبات إلى عتبة العملاء دون اتصال مباشر بينهم.

وبالإضافة إلى التجارة الإلكترونية، فإن شبكات بث الفيديو عبر الإنترنت شهدت هي الأخرى نجاحاً كبيراً، خاصة بعد أن ارتفع الطلب على مشاهدة الأفلام والأعمال الدرامية بصورة غير مسبوقة خلال فترة العزل، لدرجة دفعت نتفليكس ويوتيوب لتقليل جودة البث للأعمال في العديد من دول العالم حفاظاً على شبكة الإنترنت من الانهيار تحت ضغط الاستهلاك المتزايد، وترصد التقارير المختلفة أن أنشطة البث عبر الإنترنت قفزت بنسبة 20% في منتصف مارس الماضي التوقيت الذي اتخذت فيه الكثير من دول العالم إجراءات العزل المختلفة.

وعلى الرغم من أن جميع منصات بث الفيديو عبر الإنترنت قد شهدت نمواً كبيراً في الفترة الأخيرة إلا أن الرابح الأكبر هو شبكة «نتفليكس» بلا منازع، والتي كشفت في تقرير دخل الشركة عن الربع الأول من 2020 أنها أضافت 15.8 مليون مشترك جديد في تلك الفترة على مستوى العالم وهو رقم قياسى للشركة، كما أضافت 2.31 مليون مستخدم في أمريكا الشمالية، وهو الأمر الذي دعا محللين للقول إن أزمة كورونا جعلت «نتفليكس» تفوز بمعركة شبكات البث قبل أن تبدأ.

بالنظر إلى حساب الرابحين وسط الأزمة لا يمكن أن نتجاهل شركات تطبيقات المؤتمرات الافتراضية، فمع بقاء المزيد والمزيد من الناس في البيوت للعزل الذاتي ارتفعت معدلات العمل من المنزل بطريقة غير مسبوقة، وارتفع الطلب على التكنولوجيا التي توفر إمكانية الاجتماعات الواسعة عبر الإنترنت، والمحادثة، والتعاون الجماعي في العمل.

ووسط منتجي هذه التقنيات، برزت بوضوح شركة «زووم» للاتصالات، وهي شركة تقنية تقدم حلول مؤتمرات الفيديو وتتخذ من وادي السيليكون مقراً لها، وتسمح الحلول التي تقدمها المؤسسة للشركات بعقد الاجتماعات عبر الإنترنت، وللأطفال بمواصلة الدراسة من المنزل، وللعائلات أن تبقى على اتصال وتواصل، والأكثر من ذلك أنها بدأت الآن تستخدم في تنظيم حفلات الزفاف والجنائز الافتراضية في زمن الفيروس.

تأسست شركة زووم عام 2011 وتم إدراجها في بورصة ناسداك منذ عام، ورغم الشكاوى من مستوى تأمين التطبيق إلا أن الشركة شهدت ارتفاعاً هائلاً في قيمتها السوقية لتصل إلى حوالي 42 مليار دولار، وارتفعت مبيعات الشركة وسعر السهم في بأكثر من 50% في عام 2020، وبالإضافة إلى ذلك شهدت تطبيقات «ويبكس» من شركة سيسكو، و«سكايب» و«تيمز» من مايكروسوفت ارتفاعاً كبيراً في المبيعات، وقدمت الكثير من هذه الشركات عروضاً خاصة لخدمات المؤتمرات خلال فترة تفشي الفيروس.  

 

 

الأكثر مشاهدة