الدكتور محمد فتحي يكتب..ما دروس القيادة من انسحاب الأهلي من مباراة القمة ؟

في عالم الرياضة، واجه النادي الأهلي المصري موقفًا حرجًا عندما اختار الانسحاب من مباراة القمة في الدوري. قد يبدو هذا قرارًا رياضيًا بحتًا، لكنه في جوهره درس عملي في الإدارة واتخاذ القرارات تحت الضغط. سواء كنت تتفق أو تختلف مع خطوة الأهلي، فالمشهد يقدم رؤى ثمينة للمديرين وقادة الفرق حول كيفية التعامل مع الأزمات وحماية سمعة المؤسسة والتواصل الفعال مع أصحاب المصلحة. فيما يلي أبرز الدروس المستفادة:
1. إدارة الأزمات بثبات وحكمة: عند وقوع أزمة مفاجئة أو تصاعد موقف حرج، يجب على القائد التحلي بالهدوء واتخاذ موقف ثابت. أظهر الأهلي مثالًا على ذلك بعقد جلسات طارئة لمجلس إدارته لمتابعة التطورات واتخاذ قرار موحد.
الدرس للمديرين: كن مستعدًا بخطة لإدارة الأزمات، واجمع فريقك القيادي بسرعة، وحافظ على رباطة جأشك لضمان استجابة فعّالة تعيد النظام وتحفظ الثقة.
2. اتخاذ قرارات حاسمة تتماشى مع القيم: قرار الانسحاب كان جريئًا وغير شعبي لدى البعض، لكنه نابع من تمسك النادي بمبدأ العدالة في المنافسة. أحيانًا يجد القادة أنفسهم أمام قرارات صعبة لا ترضي الجميع، لكن القيادة الحقيقية تتطلب حسمًا عند مواجهة ما يتعارض مع قيم المؤسسة أو مصلحتها طويلة المدى.
الدرس: لا تخشَ اتخاذ قرار صعب إذا كان مبنيًا على حقائق واضحة ويتوافق مع رؤيتك وقيم مؤسستك، فالالتزام بالمبادئ قد يتطلب تضحية قصيرة المدى لتحقيق نجاح وسمعة أفضل على المدى البعيد.
3. الحفاظ على سمعة المؤسسة وقيمها: سمعة النادي الأهلي كأكبر الأندية تعتمد على مصداقيته والتزامه بقيمه. برغم المخاطر الرياضية الفورية، اختار النادي حماية صورته أمام جماهيره بالوقوف ضد ما رآه إخلالًا بمعايير العدالة.
الدرس للمديرين: سمعة مؤسستك هي أغلى ما تملك، والحفاظ عليها يتطلب أحيانًا قرارات جريئة لحماية مبادئها. تأكد أن كل خطوة تتخذها تعكس قيم المؤسسة بشكل إيجابي، فالثقة التي تبنيها مع الجمهور وأصحاب المصلحة هي ما سيحفظ مؤسستك خلال العواصف.
4. التواصل الفعّال مع الجماهير وأصحاب المصلحة: خلال هذه الأزمة، أصدر الأهلي بيانًا رسميًا واضحًا يشرح موقفه وأسبابه، مما ساعد في ضبط الرواية وتوجيه فهم الجمهور.
الدرس: في أوقات الأزمات، التواصل بشفافية وفي الوقت المناسب مع كافة أصحاب المصلحة (موظفين، عملاء، مستثمرين أو جمهور) أمر حيوي. اشرح القرارات والأسباب بصراحة لتجنب انتشار الشائعات وكسب تعاطف ودعم المحيطين بك. التواصل الصادق والمدروس يحول الأزمة إلى فرصة لتعزيز الثقة وبناء جسور أقوى مع الجمهور.
باختصار، تُظهر لنا هذه الحادثة أن القادة العظماء هم الذين يستطيعون تحويل أصعب المواقف إلى منصات لإظهار قيم مؤسساتهم. إن إدارة الأزمات بحكمة، واتخاذ القرارات الجريئة المدروسة، وحماية السمعة المؤسسية، والتواصل الفعال مع الجمهور كلها عوامل تميز القائد الناجح. واجه الأزمات بثقة، وتمسّك بمبادئك، وستكسب ولاء فريقك وأصحاب المصلحة على المدى الطويل.