مجموعة QNB: هل لا يزال بالإمكان تحقيق هبوط سلس في معدلات النمو العالمي لعام 2023؟
قالت مجموعة QNB في تحليل لها، لا شك أن البيئة الحالية للاقتصاد الكلي العالمي مليئة بالتحديات، وكان عام 2022 مُجهدًا بشكل خاص للمشاركين في السوق، حيث أصبحت الحقائق الصعبة بشأن ضعف النشاط وارتفاع التضخم والاستقطاب الجيوسياسي أكثر وضوحًا. وأدى ذلك إلى توقعات اقتصادية أكثر تشاؤمًا وحركات سلبية في أسعار الأصول.
وأضافت مجموعة QNB أنه ولا يزال معظم المحللين والمستثمرين متشائمين بشأن وضع الاقتصاد الكلي في الفترة القادمة، فبعد العديد من عمليات تخفيض التوقعات، يشير إجماع توقعات بلومبرغ إلى تحقيق الاقتصاد العالمي لنمو ضعيف نسبته 2.1% في عام 2023، وهو أقل بكثير من المتوسط طويل الأجل البالغ 3.4%. وهذا يعني أن الاقتصاد العالمي يمكن أن يُوصف بأنه فعليًا في مرحلة "ركود"، إذا استخدمنا عتبة صندوق النقد الدولي البالغة 2.5% لتعريف الركود العالمي.
ولكن مع دخولنا في العام الجديد 2023، يمكن القول إن قدرًا كبيرًا من الأحداث السلبية قد تم فهمها واستيعابها بالفعل. في رأينا، أدت السلسلة السابقة من عمليات تخفيض التوقعات إلى تشاؤم مبالغ فيه بشأن مدى انخفاض توقعات النمو. لذلك نتوقع أن ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة 2.6% في عام 2023، مع توسع جميع الاقتصادات الكبرى بوتيرة أسرع مما يتوقعه معظم المحللين. إجماع بلومبرغ هو أداة ترصد توقعات المحللين ومراكز الفكر وبيوت الأبحاث بشأن النمو العالمي وتوفر مجموعة من التنبؤات بالإضافة إلى نقطة متوسطة لتوقعات السوق.
هناك ثلاثة عوامل رئيسية تدعم موقفنا الأكثر تفاؤلًا بشأن أداء الاقتصاد العالمي في عام 2023، وتشمل هذه العوامل الولايات المتحدة ومنطقة اليورو والصين. أولًا، في حين أن النمو في الولايات المتحدة، والتي تُعتبر أكبر اقتصاد في العالم، من المقرر أن يتراجع إلى 0.9% في عام 2023، من 1.5% في العام الماضي، إلا أن الأداء لا يزال أقوى مما يتوقعه معظم المحللين.
وعلى الرغم من استمرار تشديد السياسة النقدية، والذي من شأنه أن يرفع سعر الفائدة لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى 5.25-5.5% في الربع الأول من هذا العام، من المتوقع أن يحافظ الاقتصاد الأمريكي على مرونته. ويُعتبر الاستهلاك في الولايات المتحدة، الذي يشكل حوالي 70% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، جيدًا حيث تتمتع الأسر بمستويات عالية من المدخرات (15.8 تريليون دولار أمريكي). وينبغي أن يستمر هذا الأمر في دعم المستويات الجيدة لإنفاق الأسر على الخدمات، وقوة أسواق العمل، وبالتالي فهو سيدعم الاستثمارات المستمرة في القطاع الخاص، مما يضع حدًا أدنى لمجمل نمو الناتج المحلي الإجمالي.
ثانيًا، بالنسبة لمنطقة اليورو، من شأن التباطؤ أن يتسارع أكثر ويتحول إلى ركود على مستوى المنطقة في النصف الأول من عام 2023، ولكن يُرجح أن يكون التباطؤ أقل شدة مما كان متوقعًا في السابق. في وقت كتابة هذا التقرير، ثبت أن أزمة الطاقة هي أقل حدة مما كان متوقعًا على خلفية الشتاء الأكثر اعتدالًا من المتوقع حتى الآن، والآليات الأكثر فعالية في توفير الطاقة، ومخزونات الغاز المرتفعة من الصيف الماضي. ومن المرجح أن يستمر تخفيف السياسات المالية لدعم زيادة الإعانات والتحويلات المباشرة إلى القطاعات والأسر والمناطق المعرضة للتأثر. علاوة على ذلك، سيتعين على البنك المركزي الأوروبي الاستمرار في سياسته ذات الشقين المتمثلة في رفع أسعار الفائدة لمحاربة التضخم مع إعادة تخصيص الأدوات الكمية لتوفير الدعم للجهات السيادية المثقلة بالديون في منطقة اليورو، لا سيما في الجزء الجنوبي من القارة. ومن المرجح أن يبدأ التعافي في النصف الثاني من العام، ولكن قد يكون محدودًا بسبب استمرار نقص الطاقة الذي قد يكون له تأثير أقوى في الشتاء المقبل.
ثالثًا، بعد عام من ضعف النشاط، من المرتقب أن تعود الصين إلى الواجهة كمحرك للنمو العالمي. قدم الاقتصاد الصيني أداءً ضعيفًا في الأرباع الأخيرة بسبب السحب المبكر لسياسات التحفيز، وسياسات صفر كوفيد، وتضييق الخناق على الأنشطة العقارية، وتشديد اللوائح التنظيمية للعديد من الصناعات، وزيادة الاستقطاب الجيوسياسي ضد الولايات المتحدة. ومع ذلك، فإن الصين تتأثر حاليًا بخمسة محاور رئيسية، بما في ذلك (1) سياسات مالية ونقدية أكثر دعمًا، و(2) التخلي التدريجي عن سياسات صفر كوفيد، و(3) دعم القطاع العقاري المتعثر، و(4) زيادة الوضوح التنظيمي عبر الصناعات و(5) عودة التقارب مع الولايات المتحدة. ومن شأن هذه المحاور الخمسة مجتمعة أن تعيد إحياء النشاط الاقتصادي في البلاد، ولذلك فإن توقعاتنا تفوق الإجماع، حيث تُقدر نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين بنسبة 5.5% في عام 2023.
بشكل عام، لا تزال البيئة الكلية العالمية تشكل تحديًا. ومع ذلك، يبدو أن التوقعات المفرطة في التشاؤم تغفل عناصر مهمة من قوة الاقتصاد الكلي، مثل قوة القطاع الخاص في الولايات المتحدة، ومرونة منطقة اليورو، وإعادة إحياء النمو في الصين. لذلك نعتقد أن تحقيق "الهبوط السلس" على المستوى العالمي لا يزال مطروحًا على الطاولة.