البرلمان المصري يؤجل مناقشة تفويض السيسي إرسال قوات إلى ليبيا
أرجأ مجلس النواب المصري اليوم الأحد، جلسة كانت مقررة اليوم للنظر في تفويض الرئيس عبد الفتاح السيسي بتدخل الجيش في ليبيا، بالتزامن مع ترأسه اجتماع مجلس الدفاع الوطني، إذ بُحثت الأزمتان الليبية وسدّ النهضة الإثيوبي، وفق بيان لرئاسة الجمهورية.
وفي تغريدتين على صفحته على "تويتر"، كتب النائب البرلماني والقريب من السلطة مصطفى بكري، أنه تم "تأجيل جلسة تفويض السيد رئيس الجمهورية في قرار التدخل لحماية الأمن القومي المصري في مواجهة الغزو التركي للأراضي الليبية وتعدّي خط سرت -الجفرة، إلى الغد (الاثنين)، ومطالب بأن تكون الجلسة سرية". وأضاف "مجلس النواب يقرّر تأجيل جلسة التفويض للسيد رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة للتدخل والتصدي لقوى الإرهاب في ليبيا دفاعاً عن الأمن القومي في حال تهديد خط سرت الجفرة إلى جلسة الغد ومطالب بعقد الجلسة سرية".
وسبق أن قال بكري، في وقت سابق من اليوم، إنه من المقرر أن يناقش مجلس النواب المصري الأحد تفويض السيسي بإرسال قوات مسلحة إلى ليبيا، وذلك بعد يومين من إعلان السيسي، خلال استقباله وفداً من مشايخ وأعيان القيادات القبلية الليبية نيّته طلب موافقة البرلمان على إرسال قوات إلى هذا البلد، مشدّداً على أن الحملة المحتملة ستكون ذات طابع دفاعي حصراً.
وكان مجلس النواب الليبي، ومقره طبرق في شرق البلاد، قد دعا القاهرة في 13 يوليو الحالي إلى اتّخاذ "ما تراه مناسباً" لحفظ الأمن القومي للبلدين.
من جهة ثانية، ترأس الرئيس المصري ظهر اليوم الأحد، اجتماع مجلس الدفاع الوطني، المشكّل من رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والإنتاج الحربي ورئيس أركان حرب القوات المسلحة ورئيس المخابرات العامة ووزراء الخارجية والمالية والداخلية وقادة القوات البحرية والدفاع الجوي والقوات الجوية ورئيس هيئة عمليات القوات المسلحة ومدير إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع، وذلك بحضور الأمين العام للمجلس، لبحث الأزمتين الليبية وسد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا على النيل الأزرق ويثير قلق القاهرة.
وقال بسام راضي، المتحدث باسم رئاسة الجمهورية إن المجلس تناول مجمل الأوضاع السياسية والأمنية والعسكرية بالنسبة إلى الاتجاهات الاستراتيجية للدولة، في إطار تطوّرات التحدّيات الراهنة المختلفة على الساحتين الإقليمية والدولية. وناقش المجلس تطوّرات الأوضاع فى ليبيا على الاتجاه الاستراتيجى الغربي، وذلك في ظل سعي مصر لتثبيت الموقف الميداني الراهن وعدم تجاوز الخطوط المعلنة، بهدف إحلال السلام بين جميع الفرقاء والأطراف الليبية. وشدّد المجلس على أواصر العلاقات القوية التي تربط بين البلدين، وأن مصر لن تدخر جهداً لدعم الشقيقة ليبيا ومساعدة شعبها في العبور ببلادهم إلى برّ الأمان وتجاوز الأزمة الحرجة الحالية، وذلك استناداً إلى أن الملف الليبي يُعتبر إحدى الأولويات القصوى للسياسة الخارجية المصرية، على اعتبار أن الأمن الليبي يشكّل جزءًا لا يتجزّأ من الأمن القومي المصري والعربي.
وبحسب راضي، أكد المجلس الالتزام بالحلّ السياسي كسبيل لإنهاء الأزمة الليبية، وبما يحقّق الحفاظ على السيادة والوحدة الوطنية والإقليمية للدولة الليبية واستعادة ركائز مؤسساتها القومية والقضاء على الإرهاب ومنع فوضى انتشار الجماعات الإجرامية والميليشيات المسلحة المتطرفة، وكذلك وضع حدٍّ للتدخلات الخارجية غير المشروعة التي تسهم بدورها في تفاقم الأوضاع الأمنية وتهديد دول الجوار والسلم والأمن الدوليين، مع ضمان التوزيع العادل والشفاف لمقدرات الشعب الليبي ومنع سيطرة أي من الجماعات المتطرفة على هذه الموارد.
وتشهد ليبيا التي تملك أكبر احتياطي نفط في أفريقيا نزاعاً بين سلطتين، حكومة الوفاق الوطني المعترف بها من الأمم المتحدة ومقرّها طرابلس والمشير خليفة حفتر الذي يسيطر على شرق البلاد وجزء من جنوبها والمدعوم من البرلمان المنتخب ومقرّه طبرق. وخلال الأيام الأخيرة، دعا البرلمان المتمركز في الشرق، والمتحالف مع حفتر، مصر إلى تقديم المساعدة في مواجهة الدعم التركي للحكومة المعترف بها دولياً في طرابلس، وذلك بعدما ساندت تركيا حكومة الوفاق في الغرب، ما أرغم قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) بقيادة حفتر على التراجع عن هجومه على العاصمة.
وقد يؤدي أي تصعيد كبير إلى إشعال فتيل صراع مباشر في ليبيا بين القوى الأجنبية التي دفعت بالفعل بالأسلحة والمقاتلين إلى البلاد في انتهاك لحظر السلاح. ورداً على الإجراءات التركية، حذّر السيسي الشهر الماضي من أن الجيش المصري قد يدخل ليبيا إذا عاودت حكومة طرابلس وحلفاؤها الأتراك الهجوم على خط المواجهة سرت-الجفرة، الذي يُنظر إليه على أنه بوابة مرافئ تصدير النفط الرئيسة في ليبيا والذي يخضع لسيطرة الجيش الوطني.
وعن أزمة سدّ النهضة، قال بيان الرئاسة المصرية، إن الرئيس اطّلع على مستجدات ملف السد والمسار التفاوضي الثلاثي الراهن، والجهود الرامية إلى بلورة اتفاق شامل يلبّي طموحات ومطالب مصر والسودان وإثيوبيا في التنمية والحفاظ على الحقوق المائية بشكل عادل ومتوازن.
وأكد البيان استمرار مصر في العمل على التوصّل إلى اتفاق شامل بشأن المسائل العالقة في قضية سدّ النهضة، وأهمها القواعد الحاكمة لملء السدّ وتشغيله، وذلك على النحو الذي يؤمّن للدول الثلاث مصالحها المائية والتنموية، ويحافظ على الأمن والاستقرار الإقليميَّيْن