انكماش قادم يطارد الاقتصادات العربية والناتج الإجمالي يفقد 152 مليار دولار
توقع تقرير صادر عن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا "الإسكوا"، أن تسجل اقتصادات المنطقة العربية في المجمل انكماشاً بنسبة 5.7 في المئة هذا العام بسبب جائحة "كوفيد-19"، بما يمثل خسارة إجمالية بنحو 152 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي، ويدفع 14.3 مليون نسمة إلى خط الفقر.
وسجلت أسواق الأسهم الرئيسية بالمنطقة العربية متوسط خسارة بلغ نحو 23 في المئة، وبنهاية العام من المنتظر أن يبلغ تراجع الصادرات نحو 35 مليار دولار، باستبعاد إيرادات النفط، فيما من المتوقع أن تقل واردات السلع الاستهلاكية والمعدات والمواد الخام بنحو 111 مليار دولار مقارنة بما قبل الجائحة.
ومن المتوقع أيضاً أن تنخفض الاستثمارات الأجنبية المباشرة في المنطقة العربية بنسبة 45 في المئة، أي بنحو 17.8 مليار دولار. وكذلك خسرت المنطقة نحو 10.6 في المئة من ساعات العمل خلال الربع الثاني من 2020، مقارنة بالربع الأخير من 2019، وهو ما يمثل خسارة نحو 17 مليون وظيفة بدوام كامل، بحسب بيانات حديثة لمنظمة العمل الدولية.
وفق التقرير، فإن تدهور أسعار النفط وتراجع الطلب عليه إلى جانب انهيار إيرادات السياحة وتحويلات المغتربين والتجارة وارتفاع مستويات الدين، سوف تؤثر في قدرة اقتصادات المنطقة العربية على تقديم حزم تحفيز مناسبة لمواجهة التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لأزمة "كوفيد-19".
ويبلغ إجمالي حزم التحفيز بدول المنطقة نحو 102 مليار دولار تمثل نحو 4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بالمنطقة، وهو ما يقل كثيراً عن المتوسط العالمي لحزم التحفيز البالغة نحو 11 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي عالمياً.
وبينما تحتاج المنطقة إلى مزيد من التمويلات لمعالجة تأثيرات "كوفيد-19" على المدى المتوسط وحتى المدى البعيد، يتوقع التقرير أن تتراجع الإيرادات السيادية بنحو 20 مليار دولار بسبب تراجع الضرائب غير المباشرة.
في الوقت نفسه، من المنتظر أن ترتفع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في معظم دول المنطقة، بما قد يؤدي إلى مستويات "غير مستقرة" من الدين العام ستعرقل جهود مواجهة تأثيرات الجائحة، كما ستعطل التقدم على صعيد تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
في الوقت نفسه، توقع صندوق النقد الدولي أن تنكمش اقتصادات الدول العربية بنسبة 5.7 في المئة خلال العام الحالي، بسبب جائحة فيروس كورونا. وتأتي توقعات الصندوق في ظل أزمة مزدوجة تعاني منها بعض الدول العربية، وهي انخفاض أسعار البترول، إلى جانب تداعيات فيروس كورونا الذي تسبب في إغلاق الأنشطة الاقتصادية لنحو 3 أشهر، قبل أن تعيد الدول نشاطها مرة ثانية.
ويشير تقرير مستجدات آفاق الاقتصاد لمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، إلى أن التوقعات ترجح أن اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي سينكمش بنسبة 7.1 في المئة خلال العام المالي الحالي، إذ سيتأثر بأزمة انخفاض أسعار البترول. ويقول التقرير إن "التراجع الحاد في أسعار النقط، إلى جانب خفض الإنتاج واضطراب حركة التجارة والسياحة، ألقى مزيداً من الرياح المعاكسة على اقتصادات الدول المُصدرة للنفط".
ومنذ بداية العام الحالي، يشهد سعر النفط انخفاضاً ملحوظاً في أسعار النفط إذ إنه فقد أكثر من 30 في المئة من قيمته في مارس (آذار) الماضي، قبل أن يعود ليتداول في حدود 30 إلى 40 دولاراً للبرميل.
وعلى الرغم من أن الدول العربية المستوردة للنفط مثل مصر والأردن، استفادت من تهاوي أسعار النفط، لكن صندوق النقد يقول إن المكاسب التي حصلت عليها الدول المستوردة للنفط في المنطقة تلاشت بسبب العوائق أمام حركة التجارة والسياحة وتحويلات العاملين وتشديد الظروف المالية العالمية بسبب كورونا.
ويتوقع التقرير أن ينكمش اقتصادات الدول المستوردة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان، بنسبة 1.1 في المئة. وخفّض الصندوق توقعاته لنمو دول مثل جيبوتي والأردن والمغرب والسودان، خلال 2020، وقال إن دولة مثل مصر سينعكس انخفاض نموها خلال النصف الثاني من العام الجاري، نظراً لأن السنة المالية تبدأ في يوليو (تموز) وتنتهي في يونيو (حزيران) من كل عام. ويتوقع صندوق النقد أن تحقق مصر نمواً إيجابياً خلال العامين الماليين الماضي والحالي بنحو 2 في المئة لكل منهما.
وأثرت تداعيات أزمة النفط وكورونا في توقعات الصندوق لنمو منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى خلال العام الحالي، ليتوقع مزيداً من الانكماش للمنطقة مقارنة بتقرير أصدره في أبريل (نيسان) الماضي. ويتوقع الصندوق أن ينكمش اقتصاد منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، بنسبة 4.7 في المئة خلال العام الحالي، مقارنة بنحو 2.7 في المئة انكماشاً كان يتوقعها في تقرير أبريل.
وأتاح الصندوق تمويلات طارئة لدول المنطقة بلغت قيمتها نحو 17 مليار دولار منذ بداية أزمة فيروس كورونا. واستحوذت الدول العربية على النصيب الأكبر من هذه التمويلات، إذ حصلت مصر على 8 مليارات دولار والمغرب 5 مليارات دولار، إلى جانب تمويلات أخرى للأردن وتونس.