سوق الدين المحلي تنعش استثمارات المحافظ الأجنبية في مصر
أشارت بيانات حديثة إلى ارتفاع الحيازات الأجنبية من الديون السيادية المصرية إلى 10.6 مليار دولار بنهاية يونيو الماضي. وشهد أول أسبوعين من يوليو (تموز) الحالي تدفّق 3 مليارات دولار أخرى إلى الدين المحلي.
ووفق وكالة "بلومبيرغ"، فقد شهدت مصر نزوحاً لاستثمارات المحافظ الأجنبية خلال الأشهر الأولى من تفشّي وباء "كوفيد-19"، ولكن بحث المستثمرين عن أفضل سوق لتجارة الفائدة أعادهم مرة أخرى إلى مصر، "وجهتهم المفضلة" منذ فترة طويلة لتجارة الفائدة.
وبمتوسط عائد يبلغ 6.8 في المئة، تقدّم السندات المصرية حالياً رابع أعلى العوائد بالدولار ضمن 25 سوقاً ناشئة. وذكرت وكالة "بلومبيرغ"، أن السندات المقوَّمة بالجنيه المصري تقدم أحد أعلى العوائد المعدَّلة بحسب التضخّم في العالم، إذ يبلغ 8.4 في المئة في الوقت الحالي. وبالمقارنة مع غيرها من الأسواق الناشئة ذات التصنيفات المشابهة مثل السلفادور وسريلانكا، حقّقت السندات المصرية أداء أفضل منذ مارس (آذار) الماضي.
وتشير البيانات إلى أن مصر تحقّق في الوقت الحالي عوائد أعلى في الأجل القصير، مع إمكانية تحسّن أداء الجنيه المصري في الأجل القريب، مَمّا يجعل البلاد الأكثر جاذبية في الوقت الحالي للاستفادة من فروق أسعار الفائدة بين العملات، وهو ما أكده مصرف "غولدمان ساكس"، مشيراً إلى أن هذا أدّى إلى "تدفّقات كبيرة" إلى داخل البلاد خلال الفترة الماضية.
لكن الجانب السيّء كما يشير محلّلون وفق نشرة "إنتربرايز"، هو أن هذا الانتعاش معرّض للانحسار، بسبب المخاوف الجيوسياسية المتعلّقة باحتمال نشوب صراع في ليبيا وتوقّف مفاوضات سدّ النهضة الإثيوبي الذي يهدّد الأمن المائي في مصر، فضلاً عن تعثّر قطاع السياحة. لكن "التدفّقات الكبيرة" لا تُترجم بالضرورة إلى تحسّن في الأداء الاقتصادي، بل إنها "تخفي" المقوّمات الأساسيات الضعيفة، حسبما تقول مذكرة بحثية حديثة لشركة "أرقام كابيتال".
عجز الحساب الجاري يهوي 39 في المئة
وتشير بيانات رسمية حديثة للبنك المركزي المصري، إلى تراجع عجز الحساب الجاري في الأشهر التسعة الأولى من العام المالي 2019 / 2020، إذ سجّل عجز الحساب الجاري تراجعاً ملحوظاً بنسبة 39.2 في المئة ليصل إلى 2.8 مليار دولار في الربع الثالث من العام المالي 2019 / 2020، مقابل نحو 4.5 مليار دولار في الفترة ذاتها من العام الماضي.
وأوضح "المركزي المصري"، أن التحسّن في عجز الحساب الجاري، الذي جاء على الرغم من تداعيات تفشّي وباء "كوفيد-19"، يرجع بصفة رئيسة إلى التحسّن في عجز الميزان التجاري غير البترولي وارتفاع التحويلات الجارية من دون مقابل، لا سيما تحويلات المغتربين. وبذلك، سجّل عجز الحساب الجاري خلال الفترة التراكمية من يوليو 2019 وحتى مارس الماضي تراجعاً بنسبة 25.2 في المئة ليصل إلى 7.3 مليار دولار، مقارنة بنحو 9.8 مليار دولار في الفترة ذاتها من العام المالي السابق.
وتحسّن الميزان التجاري غير البترولي، إذ أظهرت بيانات البنك المركزي المصري أيضاً تراجع العجز التجاري غير البترولي بمقدار 2.2 مليار دولار ليصل إلى 27.3 مليار دولار في فترة الأشهر التسعة الأولى من العام المالي 2019 / 2020، مقابل نحو 29.5 مليار دولار في الفترة ذاتها من العام المالي السابق.
ويعود هذا التحسّن بشكل مباشر إلى ارتفاع الصادرات السلعية بمقدار 1.2 مليار دولار لتصل إلى 13.6 مليار دولار، مقابل 12.4 مليار دولار، بخاصة الذهب وأجهزة الإرسال والاستقبال والتلفزيون والأمصال واللقاحات والأصناف الصيدلانية. وتراجعت أيضاً واردات حديد الصبّ والفحم وقطع غيار السيارات وقطع غيار الأجهزة الكهربائية للاستعمال المنزلي والأدوية. أما على مستوى الفترة من يناير (كانون الثاني) وحتى مارس، فقد تراجعت الواردات السلعية غير البترولية بنسبة 3.2 في المئة لتصل إلى 13.7 مليار دولار، مقارنة بـ 14.2 مليار دولار في الفترة المقارَنة.
أيضاً، واصلت الصادرات البترولية تراجعها، إذ سجّل الميزان التجاري البترولي عجزاً بلغ 773.3 مليون دولار مقابل نحو 294.3 مليون دولار، فانخفضت الصادرات البترولية بمقدار 1.2 مليار دولار لتصل إلى 7.3 مليار دولار مقابل نحو 8.5 مليار دولار، بينما انخفضت الواردات البترولية بمقدار 707.2 مليون دولار مسجّلةً 8.1 مليار دولار مقابل نحو 8.8 مليار دولار.
وخلال الفترة من يناير إلى مارس الماضيين، تقلّص عجز الميزان التجاري البترولي بمقدار 405.1 مليون دولار ليصل إلى 40.0 مليون دولار مقابل نحو 445.1 مليون دولار، نتيجة انخفاض أسعار النفط العالمية.
الاستثمار الأجنبي المباشر يتراجع
البيانات أشارت إلى ارتفاع إجمالي التدفّقات الداخلة للاستثمار الأجنبي المباشر بمقدار 277.6 مليون دولار ليسجل 12.7 مليار دولار (مقابل 12.5 مليار دولار)، في حين ارتفع إجمالي التدفّقات الخارجة بمقدار 872.6 مليون دولار مسجّلاً 6.8 مليار دولار (مقابل 5.9 مليار دولار). ونتج من هذا انخفاض صافي الاستثمار الأجنبي المباشر بنحو 595 مليون دولار، وسط تزايد حالة عدم اليقين بسبب الوباء العالمي الذي أدّى إلى تغيير خطط المستثمرين الأجانب وتدفّقات الاستثمار الأجنبي المباشر على مستوى العالم.
وعزا البنك المركزي المصري هذا الانخفاض إلى تراجع صافي الاستثمار الأجنبي المباشر في البلاد في الربع الثالث بنسبة 58 في المئة إلى 970.5 مليون دولار، مقارنة بـ2.3 مليار دولار في الفترة ذاتها من العام الماضي.
وأوضحت البيانات أن فائض السفر تراجع بمقدار 590.9 مليون دولار ليسجل 6.7 مليار دولار (مقابل 7.3 مليار دولار)، ففي حين أن إيرادات السياحة ارتفعت بمقدار 162.8 مليون دولار خلال الفترة من يوليو 2019 إلى مارس الماضي لتسجّل 9.6 مليار دولار، كانت هناك زيادة أكبر في مدفوعات السفر خلال الفترة ذاتها بنحو 753.7 مليون دولار مسجّلةً 2.8 مليار دولار.
اقرأ المزيد
"المركزي المصري" يخطط لتفادي "كورونا" بقرارات جديدة
احتياطي مصر من النقد الأجنبي يستعيد قوته بـ42.61 مليار دولار وكان التراجع في ميزان السفر أكثر حدّة خلال الفترة من يناير وحتى مارس الماضيين، مسجّلاً انخفاضاً قدره 435.5 مليون دولار ليصل إلى 1.5 مليار دولار (مقابل 1.9 مليار دولار)، ما يرجع بشكل جزئي إلى تراجع إيرادات السياحة بنسبة 11.4 في المئة لتصل إلى 2.3 مليار دولار (مقابل 2.6 مليار دولار)، في حين ارتفعت مدفوعات السفر خلال الفترة ذاتها بنسبة 19.7 في المئة لتصل إلى 841 مليون دولار، مقابل 702.4 مليون دولار خلال الربع الأول من العام الماضي.
وأشارت بيانات "المركزي المصري"، إلى ارتفاع متحصّلات رسوم المرور في قناة السويس بمقدار 188.2 مليون دولار لتسجّل نحو 4.5 مليار دولار (مقابل 4.3 مليار دولار). كما تحول الاستثمارات في محافظ الأوراق المالية لتسجل صافي تدفّقات خارجة بنحو 7.9 مليار دولار خلال فترة التسعة أشهر، مقابل صافي تدفّقات داخلة قدرها 1.1 مليار دولار في الفترة المقابلة، متأثرة بخروج استثمارات غير المقيمين في الأوراق المالية وارتفاع عجز ميزان دخل الاستثمار بنحو 1.2 مليار دولار ليسجّل حوالى 9.2 مليار دولار (مقابل 8.0 مليار دولار).