ماكرون يفتتح مؤتمر المانحين: سنحشد كل القدرات لمساعدة اللبنانيين
افتتح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤتمر المانحين للبنان، الذي يعقد عن بعد، الأحد، وتشارك فيه دول عدة بإشراف من فرنسا والأمم المتحدة.
وقال الرئيس الفرنسي "علينا حشد كل القدرات الممكنة لمساعدة الشعب اللبناني وسنواجه تداعيات كارثة مرفأ بيروت مع اللبنانيين"، مشيراً إلى أنه "لا بد لنا من بناء استجابة دولية تحت تنسيق الأمم المتحدة".
وأكد ماكرون أن "الأموال التي جمعت اليوم يجب أن تكون مجرد بداية".
كما حثّ ماكرون السلطات اللبنانية على "التحرك لتجنيب البلاد الغرق، والاستجابة للتطلعات التي يعبر عنها الشعب اللبناني حالياً بشكل مشروع في شوارع بيروت. علينا أن نفعل جميعاً ما أمكن لكي لا يهيمن العنف والفوضى" على المشهد في البلاد.
من جهته، قال الرئيس اللبناني ميشال عون إنّ "إعادة بناء ما دُمّر واستعادة بيروت بريقها تتطلبان الكثير؛ فالاحتياجات كبيرة جداً وعلينا الإسراع في تلبيتها خصوصاً قبل حلول الشتاء حيث ستزداد معاناة المواطنين الذين هم من دون مأوى".
وأضاف "التزمت أمام شعبي بتحقيق العدالة، اذ وحدها يمكن أن تقدّم بعض العزاء لأهل المفجوعين ولكل لبناني، والتزمت أيضاً بأن لا أحد فوق سقف القانون، وأن كل من يثبت التحقيق تورطه سيحاسب وفق القوانين اللبنانية. تعهّدت أيضاً بمحاربة الفساد وبالإصلاح، وعلى الرغم من كل العوائق بدأت التدابير الملموسة وفي طليعتها التحقيق المالي الجنائي الذي لن يقتصر على مؤسّسة واحدة بل سيشمل كل المؤسّسات".
وثمن عون التضامن الدولي الذي تجلى بمسارعة قادة الدول والمسؤولين إلى الحضور أو الاتصال والإعراب عن التعاطف والمؤازرة في لملمة الجراح، كما مبادرة الدول الشقيقة والصديقة إلى إرسال المساعدات الإنسانية والطبية الطارئة.
اتصالات دولية
ومن قبيل الوفاء بالوعد الذي قطعه لمواطنين لبنانيين التقاهم خلال جولة له في أحد أحياء بيروت المدمّرة حيث أكّد أن فرنسا تقف إلى جانبهم ولن تتخلّى عنهم، أجرى ماكرون مجموعة اتصالات دولية عاجلة أتاحت عقد المؤتمر.
وقال مصدر رفيع في قصر الرئاسة الفرنسي إن ماكرون اتصل في هذا الإطار بالرئيس الأميركي دونالد ترمب وأبلغه بوضوح بأن سياسة العقوبات المُتَّبعة من قبل الولايات المتحدة والانكفاء عن الساحة اللبنانية غير مثمرة، وشدّد على ضرورة العودة إلى لعب دور في البلد خدمة لهدف واحد هو سيادته واستعادته لعافيته.
وأضاف المصدر أن ماكرون أكد ضرورة أن تلتقي الأسرة الدولية حول هدف واحد هو ترميم المؤسسات اللبنانية والعودة إلى برنامج اقتصادي يخرج البلاد من أزمتها.
وتابع أن الرئيس الفرنسي لفت إلى مدى خطورة الوضع اللبناني وإلى ضرورة عدم ترك لبنان بأيدي الأطراف المستَهْدَفة بالعقوبات الأميركية أي "حزب الله" وإيران، وأن موقف ترمب كان إيجابياً حيال هذا الأمر وأكد حضوره مؤتمر باريس.
حضور عربي ودولي
وتشارك في المؤتمر مجموعة الدعم الدولية للبنان والدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي والهيئات المالية الدولية أي صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، إضافة إلى دول مثل كندا واليابان.
وعلى صعيد المشاركة العربية في المؤتمر، فهي تشمل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية ومصر والأردن وقطر.
وأفاد مصدر الرئاسة الفرنسية بأن الهدف الأوّلي للمؤتمر هو الرد على الحاجات الملحة للبنان شرط أن تذهب المساعدات مباشرة إلى المواطنين من خلال هيئة تتمثّل أساساً بوكالات الأمم المتحدة الموجودة على الأرض، ولفت إلى وجود مؤسسات لبنانية تعمل أيضاً بشكل جيد ومنها الجيش اللبناني والصليب الأحمر اللبناني، وأن الفعالية ستكون مقياس المساعدة المباشرة وأنه من غير الوارد إعطاء الحكومة اللبنانية شيكاً على بياض.
عودة ماكرون
وذكر المصدر نفسه أن المؤتمر سيسمح بوضع أسس لما سيتبعه قبل عودة ماكرون مجدّداً إلى بيروت في الأول من سبتمبر (أيلول) المقبل لمناسبة ذكرى إعلان دولة لبنان الكبير، حيث سيتم الانتقال إلى مرحلة سياسية تتطلّب خطوات من قبل فرنسا بالتعاون مع الشركاء الراغبين لكي يتم التوصل إلى حكومة قادرة على حمل بنود العقد الذي يقترحه الرئيس الفرنسي. وأشار المصدر إلى أن هذه البنود معروفة وتقضي بالقيام بالإصلاحات المطلوبة التي حُدِّدت خلال مؤتمر "سيدر" عام 2017 .
وأكد المصدر أن الرئيس الفرنسي أراد من خلال زيارته إلى بيروت توجيه رسالة ثقة بمستقبل لبنان وهذا المستقبل هو ما يتوجّب الآن تحديده، وأن ما يبعث على الثقة على هذا الصعيد هو مطالب الشعب وشجاعته وحيويته. وتابع أنه لا بدّ في هذا الإطار من إشراك الأطراف اللبنانية كافة وحثّها على إصلاح الوضع وصولاً إلى إسناد شؤون البلاد إلى حكومة قادرة على النهوض بها.
لبنان يغرق
ولفت المصدر الرئاسي الفرنسي إلى أن لبنان يشهد أوضاعاً بالغة الحساسية وأنه يغرق ووصل إلى القاع وحان الوقت لإعادته إلى سطح الماء، وذلك عن طريق المساعدات الطارئة أوّلاً ثم عن طريق الإصلاحات العميقة. وبالنسبة إلى تقديرات الحاجات الملحّة، ذكر المصدر أنها قيد الإعداد من قبل الأمم المتحدة وتتوزّع على بنود عدّة هي ترميم المستشفيات ورفع الأنقاض وترميم الأبنية وتوفير ما هو متوجّب من إمدادات طبية.