تحليلات ومقالات

خبراء يرسمون خريطة الخروج من نفق التصنيف الائتماني المظلم

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

 أكد عدد من خبراء القطاع المصرفي أن خفض التصنيف الائتماني لمصر يرجع إلى نظرة وكالات التصنيف الائتماني  حول عدم قدرة البلاد على تحمل الديون وهو الأمر الذي بعض القلق من جانب وكالات التصنيف العالمية إلا أنه يجب ألا ينال من الخطط المستقبلية للاقتصاد المصري وقدرته على الصمود وتجاوز تلك المرحلة الصعبة.

وأضافوا أن التصنيفات اعتمدت على كبر حجم المديونية التي ستسددها مصر خلال عام 2024 البالغة 29 مليار دولار، إلا أن مصر عبر تاريخها لم تتخلف يوما عن سداد التزاماتها وهو ما يعتمد عليه الخبراء في قدرة مصر على السداد.

الخبير المصرفي الدكتور أحمد شوقي 

أحمد شوقي:  لم يذكر في تاريخ مصر تخلفها عن سداد أي  التزامات خارجية  

في البداية قال الخبير المصرفي الدكتور أحمد شوقي، أن خفض التضنيف الائتماني يتماشي مع الظروف المحيطة بالوضع الاقتصادي العالمي، لافتا إلى أنه في ظل ما يمر به العالم من تغيرات في الأوضاع الاقتصادية والسياسية كان من الطبيي أن يتأثر الوضع الاقتصادي للعديد من الدول وتتراكم الديون وأعبائها وقدرتها على سداد أعباء الديون.

وأشار شوقي إلى أن مؤسسات التصنيف الائتماني تأخذ في اعتبارها مدى قدرة الدول والمؤسسات في سداد التزاماتها وذلك لقيام المؤسسات الدولية والمالية عند القيام بإقراض الغير بدراسة الملاءة المالية للمقترض ومدى قدرته على الوفاء بالتزاماته المالية للغير وذلك بهدف قياس المخاطر المحيطة بالدول أو المؤسسات التي سيتم إقراضها والتي تتم بشكل مقارن لسنوات سابقة وذلك لدراسة المؤشرات المالية وغير المالية للمقترض والتي تتعلق بالعديد من الأمور.

وأوضح الخبير المصرفي أنه فيما يخص التصنيف الائتماني للدول يتم النظر بشكل رئيسي إلى مجموعة من المؤشرات الهامة التي تتعلق بشكل اساسي بمدى استقرار الأوضاع الاقتصادية والسياسية والأمنية الداخلية والخارجية والتدفقات النقدية والموقف المالي للدولة ومعدلات نمو الناتج المحلي وحجم الديون الداخلية والخارجية ومدى الالتزام بسدادها، والقدرة التنافسية للدولة ومؤشرات ونتائج القطاعات الاقتصادية للدولة وغيرها من المؤشرات الأخرى.

وأشار إلى أنه بالنظر للاقتصاد المصري فنجد أن شأنة شأن العديد من الدول الناشئة والتي تسعى إلى الموازنة بين العديد من الأمور أبرزها مشروعات البنية التحتية والتنمية المستدامة ودعم المواطن المصري والتي تحتاج إلى مصادر تمويل سواء داخلية أو خارجية.

وفيما يخص قدرة الاقتصاد المصري على سداد التزاماتها، أكد الدكتور أحمد شوقي أنه من الأمور الهامة التي تؤثر في عملية التصنيف الائتماني من خلال مؤسسات التصنيف الدولية حيث لم يذكر في تاريخ مصر تخلفها عن سداد أي من التزاماتها لأي مؤسسة دون تأخير وكذا في ظل عدم حصولها على الدفعات المتعلقة بقرض صندوق النقد المتفق عليها بل استمرت في المضي قدما في تنفيذ مشروعاتها التنموية والحماية الاجتماعية مع سداد مديونياتها.

  وأوضح أنه فيما يخص تخفيض التصنيف الائتماني لمصر فسيؤثر في معدلات الفائدة التي سترتفع عند قيام مصر لإصدار أدوات دين دولية بالعملات الأجنبية، فضلا عن أنها ستؤثر أيضا في خفض التصنيف الائتماني للبنوك المقرضة للدولة من خلال السندات وأذون الخزانة.

الخبير المصرفي سامح هليل 

أحمد بدير:  حال  سداد مصر الديون خلال 2024 سيتحسن التصنيف الائتماني

وفي سياق متصل قال الخبير المصرفي سامح هليل، إن وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية  خفضت التصنيف الائتماني لمصر من B3 إلى Caa1، مع نظرة مستقبلية مستقرة، لافتا إلى أن الوكالة أرجعت قرار خفض التصنيف إلى تراجع قدرة البلاد على تحمل الديون مع استمرار نقص النقد الأجنبي في مواجهة زيادة مدفوعات خدمة الدين العام الخارجي خلال العامين المقبلين مشيرة إلى أن عملية تغطية خدمة الدين من خلال الاحتياطيات الحالية البالغة نحو 27 مليار دولار قد تضعف بشكل كبيرة خلال العامين المقبلين خاصة في غياب تدابير لتعزيز احتياطي النقد الأجنبي.

وأضاف الخبير المصرفي أن مصر تواجه أزمة اقتصادية وسط تضخم قياسي ونقص حاد في العملة الأجنبية كما جعل ارتفاع الاقتراض على مدى السنوات الثماني الماضية سداد الديون الخارجية عبئا مرهقا بشكل متزايد، مشيرا إلى أن توقعات موديز أن تساعد عائدات بيع الأصول (برنامج الطروحات الحكومية) في استعادة احتياطي السيولة من العملة الصعبة للاقتصاد وحددت النظرة المستقبلية لمصر عند "مستقرة".

وأشار إلى أن الوكالة قالت إن النظرة المستقرة تعكس سجل الحكومة الخاص بقدرتها على تنفيذ الإصلاح المالي وإطلاق استراتيجية بيع الأصول الحكومية وتعكس توقعات الوكالة أن مصر ستستمر في الحصول على دعم مالي من صندوق النقد الدولي بموجب اتفاق بقيمة ثلاثة مليارات دولار.

 وأوضح أن تصنيف Caa1 لوكالة موديز ضمن درجة المضاربة ويتم الحكم على الالتزامات والديون ذات التصنيف Caa1 بأنها ذات وضع ضعيف وتخضع لمخاطر ائتمانية عالية جدًا.

وأضاف أن مصر حاليا تواجه أزمة اقتصادية تتعلق بنقص النقد الأجنبي وذلك بعد تداعيات جائحة كورونا ومن ثم اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير من العام الماضي وخروج نحو 22 مليار دولار من الأموال الساخنة ورغم خفض الجنيه الحاد 3 مرات في الفترة منذ مارس 2022 إلى مارس الماضي، كما فرضت مصر قيودا على الواردات في ظل نقص العملات الأجنبية وعلق بنكان على الأقل استخدام بطاقات الخصم بالجنيه خارج البلاد لوقف نزيف العملات، فضلا عن القيود المفروضة على السفر بسبب كوفيد-19 التي أدت إلى خفض الأموال الواردة للدولة المعتمدة على السياحةكما أدى رفع أسعار الفائدة العالمية إلى جعل إدارة القروض الخارجية أكثر صعوبة بعد أن تضاعفت أربع مرات إلى أكثر من 160 مليار دولار في السنوات السبع حتى عام 2022.

وفي نفس السياق قال الدكتور أحمد بدير، الخبير المصرفي، إن من أهم أهداف وكالة موديز للتصنيف الائتماني وباقي مؤسسات التصنيف هو تصنيف الدول الكبيرة والمؤسسات المالية ائتمانيا ومؤخرا قامت مؤسست موديز بخفض التصنيف الائتماني لمصر من bc  إلى ca1  ، لافتا إلى أنه بالفعل هذا التصنيف سيؤثر على القدرة الائتمانية للدولة وأن هذا القرار ناتج عن رؤية موديز تجاه مصر وقدرتها الائتمانية وسداد المديونيات الخارجية.

وأضاف أن هذا التصنيف سيكون مع نظرة مستقبلية مستقرة بمعني أن التصنيف الائتماني لمصر خلال الفترة المقبلة سيظل على نفس المستوى دون خفض أخر له، مشيرا إلى أن هذا التصنيف الائتماني يعد ثاني تصنيف سلبي على مصر خلال الفترة الاخيرة حيث تم خفض التصنيف الائتماني لمصر في التصنيف الأخير وبالتالي تعرضت مصر لخفضين متتالين فهو إلى حد ما أمر مقلق نسبيا.

وأشار إلى أن هذا الخفض له أسبابه المنطقية التي لاتدعو للقلق او الخوف فهي مرتبطة بخدمة الدين وقدرة مصر على السداد وكذلك إيرادات النقد الأجنبي.

وأوضح أن أحد الأسباب التي جعلت موديز لديها نوع من القلق هو قدرة سداد مصر للالتزامات الخارجية وديونها خاصة أن مصر ملزمة بسداد 29 مليار دولار خلال عام 2024 فقط وهي موزعة لخدمة الدين وفوائد الدين، مشيرا إلى أن عام 2024 من أصعب وأخطر الأعوام على مصر نظرا لارتفاع حجم الديون الخارجية خلاله.

وأشار إلى أن حال قدرة مصر على سداد هذه الديون خلال 2024 سيتحسن الوضع كثيرا عما هو عليه حاليا وبالتالي سيرتفع التصنيف الائتماني لها مره أخرى خاصة مع تراجع قيمة المستحقات الدولية والديون الخارجية خلال الاعوام التي تلي عام 2024 حيث ان مصر ملزمة بسداد حوالي 19 مليار دولار خلال عام 2025 وسداد 23 مليار دولار خلال عام 2026 وسداد 12 مليار دولار عام 2027 وصولا إلى 6 مليار دولار عام 2030، ما يعني ان المخاطر الكبرى تتمثل في عام 2024 وهو ما دعا إلى قلق وكالات التصنيف الدولية وعلى رأسها موديز.

وأوضح أنه بالتالي طالما تراجع التصنيف الائتماني للدولة فمن الطبيعي أن يتراجع التصنيف الائتماني للبنوك والمؤسسات المالية، منوها إلى أنه لتجنب تكرار خفض التصنيف الائتماني لمصر يجب زيادة الاحتياطي الأجنبي من خلال تنويع مصادر وموارد النقد الأجنبي بالتزامن مع الحفاظ على النقد الأجنبي المتاح حاليا وهو ما تقوم به البنوك حاليا في الحد من صرف الدولار في أمور غير هامه في الوقت الراهن.

الأكثر مشاهدة