بنك الشعب الصيني يحل أزمة السيولة ويدعم سوق السندات الحكومية
في الوقت الذي تواجه فيه الصين تحديًا كبيرًا لبيع 1.5 تريليون يوان (207 مليارات دولار) من السندات الحكومية قبل نهاية العام، يلعب بنك الشعب الصيني دورًا حاسمًا في تهدئة سوق المال وتشجيع الطلب على الديون السيادية. وهو البنك المركزي الوحيد في العالم الذي يتبع سياسة نقدية تيسيرية في ظل تباطؤ الاقتصاد وتصاعد التوترات التجارية.
أصدرت الصين 9.6 تريليون يوان من السندات الحكومية حتى الآن خلال 2023، مقارنة بهدف سنوي 11.1 تريليون يوان، بحسب تقديرات "بلومبرج" بناء على بيانات شركة "أورينت سيكيوريتيز" (Orient Securities). تتضمن خطة الإصدار للعام الحالي والتي تمثل رقمًا قياسيًا، تريليون يوان من السندات السيادية الإضافية المعتمدة الشهر الماضي من أجل جهود الإغاثة من آثار الكوارث ومشروعات مناخية.
بنك الشعب الصيني
استوعبت ثاني أكبر سوق سندات على مستوى العالم معظم التدفقات الهائلة من السندات بسهولة كبيرة، ما يُعد دليلًا على نجاح عمليات خفض أسعار الفائدة من قبل بنك الشعب الصيني وزيادة الإنفاق الحكومي بصورة دورية. حدثت عقبات نتيجة نقص السيولة لفترة وجيزة أكتوبر الماضي، بينما هرعت المصارف الصينية أيضًا لبيع الديون قصيرة الأجل لجمع الأموال، ما يبرز الصعوبة الذي تواجه البنك المركزي الصيني.
قال دنكان ريجلي، كبير خبراء الاقتصاد الصينيين في "بانثيون ماكروكونيمك": "ليس من المرجح أن يتأثر لمدة طويلة برفع بنك الشعب الصيني أسعار الفائدة بطريقة مفاجئة مع تقليل حدته بضخ السيولة وفقًا للحاجة، وستتواصل الضغوط، لكن من المحتمل أن تكون أشد أوقات التوتر قد انتهت". ضخ بنك الشعب الصيني 600 مليار يوان في النظام المالي أمس الأول عبر تسهيلات إقراض متوسطة الأجل، وهو قرض داعم للسياسة الحكومية مدته سنة واحدة، مسجلًا أكبر عملية ضخ نقدي منذ 7 أعوام. يأتي ذلك عقب نقص سيولة تسبب في اهتزاز سوق المال في الصين أواخر أكتوبر الماضي، عندما أدى المعروض الضخم من الديون الحكومية والاحتياجات النقدية مع نهاية الشهر من قبل المصارف إلى زيادة تكاليف الاقتراض قصير الأجل.
أوضح أشخاص على دراية بالأمر التوجيهي -طلبوا عدم الإفصاح عن هوياتهم أثناء مناقشة معلومات غير معلنة- أن صناع السياسة النقدية طلبوا أيضًا من مجموعة بنوك في أنحاء البلاد تحديد أسعار فوائد للتمويل البيني بين المصارف. وذكر الأشخاص أن مصرفين على الأقل طلبا الأسبوع الماضي من قبل الجهات التنظيمية تقديم أسعار لشهادات إيداع قابلة للتداول لمدة سنة واحدة ما يتجاوز2.57%.
مزادات أكبر
يأتي تراجع سعر فائدة القرض بين المصارف لمدة 7 أيام بمقدار 28 نقطة أساس عن مستوى ذروته مع نهاية أكتوبر الماضي باعتباره إشارة تدل على هدوء سوق المال. رغم طفرة عمليات الإصدار، كانت عوائد السندات الحكومية الرئيسية للصين لأجل 10 أعوام عند 2.66% أمس، ما يُعد أقل بكثير مقارنة بأعلى مستوى خلال السنة عندما سجل 2.93% يناير الماضي.
أظهرت حسابات "بلومبرج" للبيانات التاريخية أن الهدوء في سوق السندات جاء رغم زيادة وزارة المالية عمليات إصدار السندات الفردية إلى 115 مليار يوان خلال سبتمبر الماضي عن الرقم القياسي السابق الذي بلغ 95 مليار يوان. ويعني إصدار من الحجم الأكبر أيضًا أن الوزارة ربما لا تكون بحاجة لطرح مزادات إضافية أو حتى القيام بإصدار واحد ضخم لبلوغ هدفها للسنة بالكامل.
كانت عملية إدارة السيولة من قبل البنك المركزي فعالة بشدة، حتى أن التوقعات تتضاءل بالنسبة لقيامه بخفض متطلبات الاحتياطي النقدي للمصارف التجارية مرة ثانية في الأجل القريب.
نسبة الاحتياطي النقدي
قال ستيفن تشيو، خبير استراتيجي في "بلومبرج إنتليجنس": "سيستنزف طرح السندات الحكومية سيولة النظام المصرفي، لكن بصفة مؤقتة فقط وسيسهل بنك الشعب الصيني عملية الإصدار بواسطة ضخ السيولة بالسوق المفتوحة لتجنب حدوث نقص مفرط لها، ما يجعل فرصة خفض نسبة الاحتياطي النقدي إلى المتطلبات تتضاءل".
تأكيدًا لوجهة نظر "تشيو"، لا تتوقع شركة "سيتيك سيكيوريتيز" (Citic Securities) و"بانثيون ماكروكونميكس" (Pantheon Macroeconomics) أيضاّ خفضًا وشيكًا لنسبة الاحتياطي النقدي إلى المتطلبات. وقلص بنك الشعب الصيني هذه النسبة مرتين العام الحالي مع زيادة 25 نقطة أساس لأسعار الفائدة في كل من مارس وسبتمبر الماضيين.