المالية تقر قانون جديد لتنظيم التمويل الإسلامي بالصكوك السيادية
قالت وزارة المالية المصرية إن قانون الصكوك السيادية يسعى لتنويع قاعدة المستثمرين في البلاد (رويترز)
بعد مفاوضات وشد وجذب دام ما يزيد على سبع سنوات، وبهدف جذب شريحة جديدة من المستثمرين، الذين يرغبون في الاستثمار المُتوافق مع الشريعة الإسلامية، وافقت الحكومة المصرية على مشروع قانون جديد، لتنظيم إصدار أول صكوك سيادية مصرية، بعدما جمدت تنفيذ فكرة مماثلة عام 2013، في ظل حكم جماعة الإخوان المسلمين مصر.
ومن المقرر أن يُناقش مشروع القانون تحت قبة البرلمان في دورته الجديدة، على أن تُصدر أول صكوك عقب موافقة مجلس النواب.
قال وزير المالية محمد معيط، إن القانون المقترح يسعى لتنويع قاعدة المستثمرين في البلاد، خصوصاً أن الصكوك السيادية تُصدر بصيغ متوافقة مع الشريعة الإسلامية. مشيراً إلى أن سوق التمويل الإسلامي كبيرة، إذ بلغ حجم التعاملات داخلها نحو 2.7 تريليون دولار أميركي حتى نهاية يونيو (حزيران)، ومؤكداً أنها توفر تمويلاً وسيولة إضافية لأسواق المال الحكومية، علاوة على خفض تكلفة تمويل عجز الموازنة العامة للدولة وإطالة متوسط عمر محفظة الدين.
وأضاف الوزير المصري، في بيان، أن إصدار الصكوك السيادية يقوم على أساس حق الانتفاع للأصول المملوكة للدولة ملكية خاصة، وذلك عن طريق تأجيرها، أو أي وسيلة أخرى تتفق مع عقد إصدارها. لافتاً إلى أن الشكل النهائي لمشروع القانون اعتُمد بعد الرجوع إلى جميع الوزارات والجهات المعنية بالرقابة المالية، وأيضاً بعض البنوك الإسلامية ذات الخبرة في هذا الشأن، وكذلك الأزهر، بهدف الوصول إلى أفضل صيغة، بما يتماشى مع طبيعة تلك الصكوك وأسواق المال الحكومية، وأيضاً للتأكد من توافق جميع مواده مع الشريعة الإسلامية.
وتمثل الصكوك أداة تمويلية تلجأ إليها الحكومات، من أجل تلبية حاجاتها، وتطرحها الوزارة بشكل مستمر، وليس لها قيود في الاستخدام، ولا يمكن حصرها على تمويل مشروعات بعينها، بينما السندات استخدامها واسع المجال.
من جانبه، قال أحمد كجوك، نائب وزير المالية، إن عملية إصدار الصكوك ستجري على شكل شهادة ورقية أو إلكترونية بالمواصفات التي تحددها اللائحة التنفيذية، وتكون اسمية متساوية القيمة، تصدر لمدة محددة بالجنيه المصري أو بالعملات الأجنبية، عن طريق طروحات عامة أو خاصة في السوق المحلية أو الأسواق الدولية، ومنها المضاربة، والمرابحة، والإجارة.
وأوضح، أن الأصول الثابتة والمنقولة المملوكة للدولة ملكية خاصة التي تصدر على أساسها الصكوك مشروطة بقرار من رئيس الوزراء، كي تكون هناك آلية لتقييم حق الانتفاع، بينما نظيرتها ذات الملكية العامة أو منافعها فمحظور استخدامها.
وفي مارس (آذار) الماضي، توقعت وكالة موديز للتصنيف الائتماني، تمدد سوق التمويل الإسلامية خلال 2020، نظراً لما تقدمه دول مجلس التعاون الخليجي وماليزيا من دعم لتنمية المنتجات المالية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، رغم انتشار فيروس كورونا الذي حد من إصدار الصكوك خلال العام.
وقال نيتيش بوجناغاروالا، نائب الرئيس مسؤول ائتمان أول لدى "موديز"، من المتوقع أن يبقى حجم إصدار الصكوك مستقراً هذا العام، وأن يصل إلى نحو 180 مليار دولار، كما ستشهد سوق التأمين التكافلية نمواً مستقراً، نظراً إلى زيادة أقساط التأمين في الأسواق، مضيفاً أن المخاطر السلبية الناجمة من انتشار كورونا تبقى في ارتفاع، فقد تؤدي الإضرابات الحالية في حال بقائها وقتاً طويلاً إلى عزوف المصدرين عن السوق.
وعن الفرق بين مشروع القانون الحالي وسابقه الذي قوبل بالرفض، قالت بسنت فهمي، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب المصري، "قانون 2013 كانت به ثغرات كبيرة وفادحة تفرط في أصول الدولة، مقارنة مع الحالي الذي يضمن الحفاظ على أصول وممتلكات الدولة المصرية". وأضافت، "اتجاه الحكومة لإصدار الصكوك يأتي لتنويع مصادر التمويل بين السندات والصكوك والقروض، علاوة على أذون الخزانة الحكومية".
مصر تطلق أول سنداتها الخضراء بقيمة 750 مليون دولار في بورصة لندن ويرى المدير غير التنفيذي الجديد للبنك التجاري الدولي شريف سامي، أن الحكومة "تأخرت كثيراً" عن طرح الصكوك الإسلامية السيادية، لمدة تزيد على 15 عاماً. مشيراً إلى أهميتها باعتبارها أداة مالية مطلوبة لشريحة من المؤسسات المالية الدولية، التي تبحث عن أدوات مالية تتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية.
وقال سامي إن تلك الأداة المالية مطلوبة بكثافة خارجياً ومحلياً، لافتاً إلى أن الطلب يزيد عليها في دول شرق آسيا ودول الخليج العربي ودول مجلس التعاون الخليجي، كما توجد شركات تأمين تكافلي، علاوة على عدد من البنوك الإسلامية، إضافة إلى صناديق استثمار لدى البنوك المحلية، مؤكداً ضرورة تنوع وتوافر كل الأدوات التمويلية أمام جميع الشرائح المختلفة من المستثمرين.
ووفقاً لرئيس الهيئة العامة للرقابة المالية محمد عمران، فإنه من المقرر بعد موافقة مجلس النواب على مشروع القانون، تأسيس هيئة شرعية تضم خمسة أعضاء، يجوز زيادتهم إلى سبعة، وترشح هيئة كبار العلماء بالأزهر ثلاثة من علماء الأزهر المعتمدين، ويرشح الوزير المختص اثنين آخرين من أساتذة الجامعات المتخصصين في مجالات التمويل الإسلامي محلياً ودولياً، على أن يصدر بتشكيل الهيئة ونظام عملها وتحديد مقرها قرار من رئيس مجلس الوزراء.