النقد الدولي: العالم يخسر 22 تريليون دولار خلال 5 سنوات
توقع صندوق النقد الدولي أن يسجل الاقتصاد العالمي انتعاشاً قوياً هذا العام، لكن أزمة فيروس كورونا المستجد تتسبب بأضرار فادحة، بحسب ما أعلنت كبيرة الاقتصاديين في النقد الدولي، غيتا غوبيناث، التي توقعت أن تبلغ "الخسائر التراكمية في الإنتاج بين 2020 و2025 ما قيمته 22 تريليون دولار، مقارنة بتوقعات ما قبل الوباء التي لا تزال كبيرة".
وأعلن صندوق النقد الدولي أن التفاؤل بأن اللقاحات الجديدة ستضع حداً للوباء وتسمح باستئناف عجلة النشاط الاقتصادي، إضافة إلى برامج التحفيز في الاقتصادات الكبيرة، عزّزت توقعات النمو هذا العام وصولاً إلى 5.5 في المئة.
غير أن هذه المؤسسة المالية ومقرها واشنطن، التي تقوم بالإقراض خلال الأزمات، حذرت من أن المستقبل يشهد "حال عدم يقين استثنائية"، وأن على الحكومات مواصلة العمل للحؤول دون حصول أضرار دائمة، بعدما تسببت جائحة "كوفيد-19" بأسوأ أزمة اقتصادية في زمن السلم، منذ الكساد الكبير.
وتعكس أرقام النمو الجديدة تراجعاً بنسبة 3.5 في المئة على مستوى العالم في 2020، مع توقعات بتعزيز النشاط بالتعويل على توافر اللقاحات في وقت لاحق هذا العام، ودعم إضافي للتدابير في بعض الاقتصادات الكبيرة، بينها الولايات المتحدة واليابان، بحسب التقرير الأخير للصندوق حول آفاق الاقتصاد العالمي.
وتؤدي هذه التطورات إلى "نقطة انطلاق أقوى لتوقعات 2021 - 2022 على مستوى العالم، مقارنة بالتوقعات السابقة"، لكن "لا يزال يتعين القيام بالكثير على صعيد سياسات الصحة والاقتصاد للحد من الأضرار الناجمة عن التراجع الحاد في 2020، وضمان تعاف مستدام"، بحسب صندوق النقد.
ولاحظ التقرير أن تزايد عدد الإصابات بالفيروس في بعض الدول بنسخ متحورة جديدة، أدى إلى إعادة فرض تدابير الإغلاق، إضافة إلى مشكلات لوجستية تتعلق بتوزيع اللقاح، يقف على "نقيض الأخبار الجيدة". وحتى مع تسجيل نمو، فإن عدداً من الاقتصادات لن تعود هذا العام إلى مستويات ما قبل الوباء. وحضّ الصندوق الحكومات على مواصلة تقديم الدعم حتى "يمضي التعافي بقوة".
وفي الولايات المتحدة التي أقرت حزمة تحفيز كبيرة حتى نهاية ديسمبر، يتوقع الصندوق أن يكون النمو أعلى بنقطتين مئويتين عن التوقعات السابقة عند 5.5 في المئة، في أقوى معدل له منذ العام 1984. ويسعى الرئيس الجديد جو بايدن إلى المصادقة على خطة إنقاذ ضخمة بقيمة 1.9 تريليون دولار، من شأنها تقديم الدعم للعائلات والأنشطة التجارية والحكومات المحلية والفيدرالية المنهكة. وتستفيد اليابان أيضاً من خطة إنقاذ أُقرت في ديسمبر، إذ رفع صندوق النقد توقعاته للنمو فيها عام 2021 بمقدار ثمانية أعشار عند معدل 3.1 في المئة. وتلك الإجراءات التحفيزية توفر أيضاً "تداعيات مواتية لشركاء تجاريين" بحسب التقرير.
توقع صندوق النقد أن يسجل اقتصاد الصين نمواً بنسبة 8.8 في المئة، أي أقل بقليل من توقعات أكتوبر (تشرين الأول)، فيما ستسجل الهند نمواً بنسبة 11.5 في المئة، أي ما يزيد بنقطتين وسبعة أعشار على التوقعات السابقة.
لكن في أوروبا حيث فرضت الحكومات تدابير إغلاق جديدة وصولاً إلى حظر تجول وسط زيادة الإصابات، إضافة إلى انتشار نسخة متحورة جديدة أكثر عدوى من الفيروس، فإن الصندوق خفض توقعاته للنمو، وتم خفض تقديرات النمو لمنطقة اليورو بمقدار نقطة مئوية كاملة عند 4.2 في المئة، مع تراجع ملحوظ بالنسبة إلى ألمانيا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا.
وفي حين أشار صندوق النقد إلى أن الاتفاق الذي أبرمته لندن في اللحظة الأخيرة بشأن خروجها من الاتحاد الأوروبي حال من دون إلحاق أخطار كبيرة بآفاق الاقتصاد، إلا أنه خفّض توقعاته لبريطانيا أيضاً.
خط الفقر
ذكر الصندوق أن تجدد موجات "كوفيد-19" وظهور سلالات جديدة ينطوي على أخطار، وأن النشاط العالمي سيظل دون توقعات ما قبل "كوفيد-19" الصادرة قبل حوالى عام، وبات من المرجح أن ينحدر نحو 90 مليون شخص عن خط الفقر المدقع في 2020 و2021، إذ تمحو الجائحة التقدم المحقق في الحد من الفقر على مدى العقدين الأخيرين، وما زالت أعداد كبيرة تعاني البطالة المباشرة أو المقنعة في بلدان عدة، بما فيها الولايات المتحدة.
وحثّ الصندوق الدول على مواصلة دعم اقتصاداتها لحين عودة النشاط إلى طبيعته للحد من تداعيات الركود الحاد على مدى العام الماضي. وقال إن دول الدخل المنخفض ستحتاج إلى استمرار الدعم من خلال المنح والقروض منخفضة الفائدة وإسقاط الدين، وإن بعض الدول قد تحتاج إلى إعادة هيكلة الديون.
اقتصاد تركيا
وأكد صندوق النقد الدولي أنه من المرجح أن يكون اقتصاد تركيا نما 1.2 في المئة العام الماضي، في تقدير أعلى بكثير من تقدير سابق عن انكماش نسبته خمسة في المئة، لأسباب منها نمو قوي مفاجئ في الربع الثالث من 2020. وكانت جائحة فيروس كورونا أفضت إلى انكماش الناتج المحلي الإجمالي نحو واحد في المئة خلال الربع الثاني من العام الماضي، لكن طفرة إقراض قادتها الدولة أدت إلى نمو بنسبة 6.7 في المئة خلال الربع الثالث، بما يمهد لخاتمة عام إيجابية للاقتصاد التركي. وخفّض الصندوق تقديراته لنمو الناتج المحلي الإجمالي التركي في 2022 إلى 3.5 من أربعة في المئة.