الصين ... قصة 70 عاما من النمو الاقتصادي
الصين اليوم ثاني أكبر اقتصاد في العالم ، حيث تشكل 16 % من إجمالي الناتج المحلي العالمي البالغ 86 تريليون دولار من حيث القيمة الاسمية ، و لكن بحساب تعادل القوة الشرائية (PPP) ، فإن الاقتصاد الصيني أصبح بالفعل الأكبر في العالم منذ عام 2014.
تأسست جمهورية الصين الشعبية في الأول من أكتوبر عام 1949، و تسببت الحرب الأهلية الصينية (1927-1949) بين جمهورية الصين (ROC) والحزب الشيوعي الصيني في حدوث انقسامات كبرى في قيادة الأمة ، الى أن انتصر الحزب الشيوعى ، وتم تأسيس الدولة بشكلها الحالى .
يستعرض الرسم البياني العديد من الأحداث و السياسات البارزة التي ساعدت في تشكيل الصين خلال سبعة عقود مضت .
" عصر ماو " 1949-1977 ... أدت فترة حكم ماو تسي تونج كرئيس لجمهورية الصين الشعبية إلى تغييرات جذرية للبلاد بداية من الخطة الخمسية الأولى " 1953 حتى 1957 "
فقد كان الهدف من البرنامج هو تعزيز التصنيع في الصين ، حيث نما إنتاج الصلب بنحو أربعة أضعاف في أربع سنوات فقط من 1.3 مليون طن إلى 5.2 مليون طن. كما ارتفع الإنتاج الزراعي أيضًا ، و لكنه لم يتمكن من مواكبة صاروخ الإنتاج الصناعي.
و شهدت الخطة الخمسية الثانية من 1958 الى 1962 تحول الصين من الزراعة إلى الصناعة ، عن طريق نظام الزراعة المجتمعية ، الا أن الخطة فشلت ، و تسببت في انهيار اقتصادي و مصرع عشرات الملايين في المجاعة الصينية الكبرى.
فى عام 1971 انضمت الصين إلى منظمة الأمم المتحدة كعضو دائم فى مجلس الامن بجانب كبرى الاقتصاديات - المملكة المتحدة و الولايات المتحدة و فرنسا و روسيا.
فى عام 1979 انتهجت الصين "سياسة الطفل الواحد" عن طريق برنامجًا قويًا للتخطيط و السيطرة على حجم سكان البلاد الذى ينمو بسرعة كبيرة جدًا.
بين عامى 1980-1984 تم إنشاء مناطق اقتصادية خاصة فى العديد من المدن و تزويدها بتدابير مثل الحوافز الضريبية لجذب الاستثمار الأجنبي ، و لكن نتائج ذلك تراجعت كثيرا فيما بعد بسبب نمو الاحتجاجات السياسية و تعامل السلطات الصينية بالقوة البالغة فى فض اعتصام الميدان السماوى " تيان أن من " الذى خلف اكثر من عشرة الاف قتيل فى عام 1989 .
بعد ذلك حاولت الصين استعادت ثقة العالم فى 1990-1991 حيث تم فتح بورصتي شنغهاي وشنتشن للأوراق المالية على التوالى ، و بعد ما يقرب من 30 عاما بلغت اليوم القيمة السوقية للأسهم المدرجة في بورصة شنغهاي (SSE) وشنتشن (SZSE) أكثر من 8.5 تريليون دولار .
و بين عامى 1994-1996 طبقت الصين الخطة الوطنية للحد من الفقر حيث نجحت في انتشال أكثر من 400 مليون مواطن من الفقر حتى عام 2002
و فى مطلع القرن و منذ عام 2000 ساهم انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية وبرنامج المستثمر المؤسسي الأجنبي المؤهل (QFII) - الذي سمح للمستثمرين الأجانب بالمشاركة في بورصات جمهورية الصين الشعبية - في النمو الاقتصادي للبلاد.
لم تتأثر الصين كثيرا بأزمة النمور الاسيوية المالية نهاية التسعينيات لعدم قابلية تحويل عملتها و عدم انكشافها بصورة كبيرة على العالم ، و لكن فى 2008-2009 وقعت الأزمة المالية العالمية و شهدت جمهورية الصين الشعبية تباطؤا واضحا و كبيرا فى النمو الاقتصادي خلال تلك الأزمة ، حيث كان نمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد في عام 2007 مذهلًا بنسبة 14.2 % ، لكنه انخفض إلى 9.7 % و 9.5 % على التوالي في العامين التاليين.
اما فى عام 2013 اطلقت الصين خطتها الطموحة مبادرة الحزام والطريق التى تم تخصيص نحو 900 مليار دولار لمشاريع البنية التحتية فيها ، و التى مقرر الانتهاء من خطط تطوير الطرق البرية و السكك الحديدية والبحرية بها عبر 152 دولة بحلول عام 2049 حيث الذكرى المئوية لتأسيس جمهورية الصين الشعبية
و فى عام 2015 اعلنت الصين عن برنامج صنع في الصين بأستثمارات تقدر بحوالي 300 مليار دولار لتعزيز قدراتها التصنيعية في مجالات التكنولوجيا الفائقة مثل الأدوية والفضاء والروبوتات.
و على الرغم من الحرب التجارية المفتوحة مع الولايات المتحدة الامريكية و شيخوخة السكان على نحو متزايد ، الا أن قصة النمو الصينية ستستمر رغم كبوتها الحالية من تراجع النمو خلال العام الجارى 2019 الى نحو 6.1 % و تدنى توقعات عام 2020 الى نحو 5.8 % .