مصر تخضع التجارة الإلكترونية للضرائب وتلاحق المخالفين
بدأت الحكومة المصرية في ملاحقة شركات التجارة والترويج عبر الإنترنت، وكذلك الأفراد غير المسجلين في النظام الضريبي. وأعلنت مصلحة الضرائب مطلع أغسطس الحالي رسمياً، إحالة عدد من الأشخاص والشركات إلى النيابة العامة لبيع منتجاتهم عبر المواقع الإلكترونية وهم غير مسجلين في مصلحة الضرائب، وفقاً لبيان رسمي.
قال رئيس الإدارة المركزية بمصلحة الضرائب سيد صقر ، "إن الحكومة تسعى دائماً إلى تحقيق العدالة الضريبية، وتبذل جهوداً كبيرة في عمليات حصرها بشكل أكثر دقة، خصوصاً في التعاملات التي تتم عبر المنصات الإلكترونية وتحديد من يقوم بها". مضيفاً، أن "الخطوات الرسمية التي تسير فيها وزارة المالية هدفها الرئيس ضم الاقتصاد غير الرسمي ليعمل تحت مظلة الدولة بما يحقق النفع للطرفين"، موضحاً، "سنتمكن من تحصيل حقوق الدولة بالكامل من جانب، ومنح أصحاب مشروعات الظل أو ما يطلق عليه الاقتصاد الموازي، حقوقاً ومزايا وحوافز وتسهيلات ضريبية وجمركية لم تحدث من قبل".
وتابع، "الدولة تسعى لتحقيق مستحقاتها، لذلك يجب على الأشخاص والشركات التي تبيع منتجاتها من سلع أو خدمات من خلال المواقع الإلكترونية سرعة التسجيل في المصلحة وفتح ملف ضريبي"، لافتاً إلى "أنه إذا تخطى حجم أعمال المشروع سنوياً حدود الـ500 ألف جنيه (حوالى 32 ألف دولار أميركي) يجب على صاحبه أيضاً الالتزام بالتسجيل في ضريبة القيمة المضافة".
وقال إنه لتحقيق العدالة الضريبية، يجب على مقدمي خدمات (الديليفري) عن طريق توصيل السلع للمشترين ضرورة التسجيل في المصلحة، لافتاً إلى "أن عدم التسجيل في ضريبة القيمة المضافة وعدم تقديم الإقرارات الشهرية، تُعد من حالات التهرب الضريبي"، مشيراً إلى "أن عقوبتها تصل إلى السجن من 3 إلى 5 سنوات، وتعد من الجرائم المخلة بالشرف"، لافتاً إلى "أنه تم تحويل عدد من الأشخاص والشركات إلى النيابة بعد ثبوت بيعهم وترويج منتجاتهم من سلع أو خدمات عبر المواقع الإلكترونية دون أن يسجلوا في النظام الضريبي".
في مطلع العام الحالي أصدر وزير المالية المصري محمد معيط القرار رقم (345) لسنة 2021، الذي ألزم كل ممول أو مكلف عند الإعلان عن السلع أو الخدمات التي يقوم ببيعها أو تقديمها، أي كانت وسيلة هذا الإعلان، ضرورة الإفصاح عن رقم التسجيل الضريبي الموحد الخاص به، سواءً باشر هذا الإعلان بنفسه أو بمعرفة الغير من المنشآت والشركات. وحذر نص القانون المنشآت والشركات التي تباشر نشاطها في مجال الإعلان من التعامل مع الممولين أو المكلفين من طالبي الإعلان، إلا عبر البطاقة الضريبية أو شهادة التسجيل المدون فيهما رقم التسجيل الضريبي الموحد للممول أو المكلف، حتى لا تقع تحت طائلة أحكام قوانين الضرائب، باعتبارها شريكة في جريمة التهرب الضريبي.
وشدد نص القرار على "ضرورة أن يكون رقم التسجيل الضريبي الموحد للممول أو المكلف مذكوراً ومضمناً في كل من صيغة الإعلان عن السلعة أو الخدمة وذلك بصورة واضحة، وكذلك على كافة أوراق التعامل مع الممول أو المكلف".
في المقابل رحب بعض أصحاب شركات التجارة الإلكترونية، بخطوات الحكومة المصرية نحو تقنين الأوضاع القانونية لهذا النوع من التجارة، مؤكدين حرصهم على التعاون مع الدولة بما يصب في صالح التجارة حديثة العهد على المستهلكين المصريين.
يقول محمد عزت، الرئيس التنفيذي لإحدى شركات التجارة الإلكترونية، "إن خطوات الحكومة المصرية لتقنين أوضاع الشركات التي تبيع أو تروج منتجاتها عبر الإنترنت، هي خطوات مهمة للسوق". وأضاف، "أن شركته سجلت ملفها الضريبي منذ اليوم الأول الذي تأسست فيه وتدفع ما عليها من مستحقات ضريبية للدولة بانتظام في المواعيد المحددة"، لافتاً إلى "أن شركته تقوم بتوصيل نحو 300 ألف شحنة شهرياً في مصر عبر الإنترنت ترويجياً وتسويقا"ً.
وأشار إلى "أن تقنين الأوضاع له فوائد في مقدمها، تثبيت أركان التجارة الإلكترونية ودفعها للتعامل تحت المظلة الرسمية للدولة، ما يزيد من ثقة العملاء والمستهلكين، خصوصاً مع ظهور كيانات وأفراد غير مسجلة ضريبياً تبيع سلعاً تخالف مواصفات الجودة والصحة، ما أضر بالتجارة الوليدة في البلاد، بل إن بعضاً منهم يحتالون على المستهلكين، الأمر الذي يخلف صورة سلبية عن التجارة الإلكترونية".
وأكد "أن التقنين سيمحي الصورة الذهنية السلبية لدى المستهلك"، مشيراً إلى "أنه على الرغم من أن حجم التجارة الإلكترونية في مصر لا يتخطى حاجز الـ5 في المئة من حجم التجارة عبر الإنترنت عالمياً، إلا أنه أصبح أمراً واقعاً يحتاج للعمل تحت مظلة الدولة".
من جانبه أشاد الرئيس التنفيذي لـ"جوميا مصر" هشام صفوت بخطة الحكومة للسيطرة على الشركات والأفراد الذين يمارسون التسويق أو الترويج أو البيع لمنتجاتهم إلكترونياً بطرق غير مشروعة، مؤكداً، "أن عمليات تقنين الأوضاع ستسهم في الحد من الاحتيال والنصب الذي يواجه بعض المستهلكين، ما أفزعهم من عمليات البيع والشراء عبر الإنترنت"، مشيراً إلى "أن تقنين الأوضاع في حد ذاته سيساعد في زيادة عدد المستهلكين المتعاملين مع التجارة الإلكترونية، إذ يُمكنهم الاطلاع على كافة البيانات الخاصة بالبائع أو الشركة المروجة ما دامت مسجلة إلكترونياً".
على الجانب الآخر أيد بعض المستهلكين أو المتعاملين مع الإنترنت الذين تحدثنا معهم خطوات التقنين. تقول سهير الصاوي (ربة منزل)، "إنها حتى الآن تخشى من شراء احتياجاتها من السلع والملابس من خلال الإنترنت. صحيح أن أولادي يشترون بعض ملابسهم واحتياجاتهم منه، لكني أخاف وأنصحهم بعدم الشراء إلكترونياً قدر الإمكان، بسبب ما نسمع عنه من وقائع نصب واحتيال من بعض العاملين فيها". وأشارت إلى أنها قد تشتري إلكترونياً إذا كانت الشركات مسجلة وتحت رقابة الدولة قائلة، "حتى أستطيع استرجاع أموالي إذا احتال علي البائع".
من جانبه رحب سامح أحمد، موظف في القطاع الخاص، برقابة الدولة على شركات التجارة الإلكترونية، وقال، إنه منذ عام تقريباً لا يشترى مقتنياته إلا عبر الإنترنت، مؤكداً "أن التجارة الإلكترونية توفر عليه المال والجهد والوقت، إذ تصل طلباته حتى باب منزله"، لافتاً إلى تعرضه إلى بعض حالات الاحتيال والنصب من بعض الشركات، مستدركاً، "بصفة عامة الاحتيال نسبته قليله نوعاً ما"، لافتاً إلى "أن تقنين الأوضاع القانونية للشركات سيكون أكثر أماناً".