النقد العربي يُصدر دراسة «حساسية كفاية رأس المال للعوامل المصرفية والاقتصادية»
في إطار نشاط الدراسات والبحوث التي تستهدف دعم جهود السلطات الإشرافية في الدول العربية في قضايا تطوير القطاع المالي ذات الأولوية، أصدر صندوق النقد العربي في إطار "سلسلة دراسات تطوير القطاع المالي" دراسة عن "حساسية كفاية رأس المال للعوامل المصرفية والاقتصادية في القطاع المصرفي العربي".
وتأتي هذه الدراسة بهدف إلقاء الضوء على محددات كفاية رأس المال كأحد المؤشرات الهامة للمتانة والسلامة المصرفية. كما تُقدم الدراسة إطارًا تحليليًا للمصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية يُسهم في تعزيز إدارة رأس المال لدى القطاع المصرفي.
في هذا الإطار، بحثت الدراسة في العوامل المؤثرة في كفاية رأس المال لدى 30 بنكًا تجاريًا في ست دول عربية. بناءً على الأدبيات السابقة، تم قياس المتغيرات التي من المُمكن أن تؤثر على كفاية رأس المال، ركزت على المتغيرات المصرفية، إضافةً إلى دراسة أثر نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، ذلك لالتقاط أثر المخاطر الاقتصادية عل ملاءة البنك.
في هذا الصدد، بيّنت النتائج أن معظم المتغيرات المصرفية كان لها دورًا مهمًا في تحديد مستويات كفاية رأس المال في القطاع المصرفي العربي. إضافة إلى الأثر الموجب لنسبة كفاية رأس المال العاملة للعام السابق، كان هناك أثر معنوي موجب لنسبة التسهيلات الإئتمانية غير العاملة. تؤكد هذه النتيجة ما أشارت إليه الدراسات السابقة، من أن ارتفاع مخاطر الائتمان يرتبط عادةً بارتفاع نسبة كفاية رأس المال بشكل عام، علمًا أنه وفقًا لمتطلبات بازل III، فإن ارتفاع مخاطر الائتمان يزيد من متطلبات كفاية رأس المال. كما بيّنت النتائج وجود علاقة معنوية موجبة بين حجم البنك ونسبة كفاية رأس المال، يُمكن تفسير ذلك بأن البنوك الكبيرة تخضع لمتطلبات رقابية أعلى، على سبيل المثال، وفقًا لمتطلبات بازل III مطلوب منها بناء هوامش رأسمال خاصة بها. كذلك بيّنت النتائج وجود علاقة معنوية موجبة بين معدل العائد على الموجودات ونسبة كفاية رأس المال، حيث من المعلوم أن تحقيق البنوك لمزيد من الأرباح من شأنه أن يعزز من القواعد الرأسمالية، إذ تسعى البنوك عادةً لبناء مصدات وهوامش رأسمال خلال الفترات الطبيعية تحسبًا لحدوث صدمات مالية غير متوقعة.
من ناحية أخرى، بيّنت الدراسة وجود أثر معنوي موجب لمعدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي على نسبة كفاية رأس المال، إذ إن تحسن النشاط الاقتصادي قد يساهم في تحسن التدفقات النقدية للأفراد والشركات، ما يعزز من قدرتهم على سداد مديونياتهم، بالتالي خفض معدلات التعثر ومخاطر الائتمان، الأمر الذي ينعكس في رفع نسبة كفاية رأس المال. كذلك فإن البنوك تسعى لبناء هوامش إضافية من رأس المال في أوقات الرخاء الاقتصادي تحسبًا لأوقات الضغط والأزمات.
أخيرًا، أوصت الدراسة بضرورة الاستمرار في تعزيز إدارة مخاطر الائتمان وإدارة المخاطر في القطاع المصرفي، ومن المتوقع أن يساهم تطبيق متطلبات بازل III والمعيار الدولي للتقارير المالية رقم 9 في تعزيز متانة القطاع المصرفي، إذ أثبتت التجارب دورها الهام في تعزيز متانة القطاع المصرفي وقدرته على تحمل الصدمات المالية.
كما أوصت الدراسة بضرورة التطوير المستمر لاختبارات الأوضاع الضاغطة، وتطبيقها بكافة أنواعها، ذلك لالتقاط المخاطر التي قد تؤثر على كفاية رأس المال، فضلًا عن تبني نماذج موثوقة عند بناء نموذج الخسارة الائتمانية المتوقعة عند تطبيق المعيار الدولي للتقارير المالية رقم 9، وتبني أفضل الممارسات والمعايير الدولية في الرقابة على القطاع المصرفي.
كذلك أكدت الدراسة على أهمية التنبه المستمر لضرورة إدخال المتغيرات الاقتصادية في النماذج المستخدمة لقياس المخاطر لدى البنوك، سواءً في أنظمة الإنذار المبكر، اختبارات الأوضاع الضاغطة، خارطة المخاطر، التنبؤ بالأزمات المصرفية والمالية، إدارة المخاطر، المعيار الدولي للتقارير المالية رقم 9، وكذلك الدراسات المستخدمة في القضايا المرتبطة بالاستقرار المالي والرقابة المصرفية.