الدكتور أيمن حسن يكتب.. الاتحاد العربي.. حلم عربي يواجه مخاوف القوى العظمى

في خضم التحولات الجيوسياسية والاقتصادية التي يشهدها العالم، يبرز سؤال محوري: لماذا تثير فكرة التكامل العربي مخاوف القوى الكبرى؟ وما مدى واقعية تحقيق اتحاد عربي في ظل النظام الدولي الحالي؟
ثروات العرب تثير مخاوف الاخرين !
تمتلك الأمة العربية مقومات هائلة تمكنها من تحقيق قوة اقتصادية كبرى ومن اهمها:
• 55% من احتياطيات النفط العالمية
• موقع جيوستراتيجي يربط ثلاث قارات
• سوق استهلاكية تزيد عن 400 مليون نسمة
• ثروات بشرية وطبيعية غير مستغلة بالكامل
هذه المقومات تجعل أي تكامل عربي جاد تهديدًا لمصالح القوى العظمى التي تعتمد على حالة التشرذم العربي لضمان هيمنتها على موارد المنطقة ومقدراتها
المخاوف الغربية من الوحدة العربية " لها ابعادها الثلاثة سواء كانت إقتصادية، سياسية، مالية فضلا عن القوة العربية بمفهومها العسكري التي تحمي كل هذا "
البعد الاقتصادي: قطعا هناك مخاوف اقتصادية من أهمها فقدان السيطرة على أسواق الطاقة ومن ثم تحدي هيمنة الدولار في المعاملات النفطية وانتهاء حقبة " البترو/دولار "، مما يمهد لظهور منافس تجاري كبير في منطقة الشرق الاوسط تمهيدا لعالم متعدد الاقطاب تكون امتنا العربية فيه لاعب اساسيا وفاعلا له الف حساب.
البعد السياسي: قطعا سيكون هناك تغير في موازين القوى الإقليمية لتقلص النفوذ الغربي في القرار العربي، ومن المؤكد سوف يعزز الموقف التفاوضي العربي في القضايا المصيرية المرتبطة بالشرق الاوسط خاصة والعالم.
البعد المالي المالي: والذي يحمل الجوانب المالية المرتبطة مثل وجود نظام دفع عربي مستقل يعزز في البداية عملية التبادل بالعملات المحلية، تمهيدا لوجود عملة عربية موحدة من ثم ستذهب ادوات العقوبات المالية واثارها ادراج الرياح، فهي لن تقوض فحسب بلا ستنتهي وربما تنقلب الموازين ليملك العرب اداوات عقاب مالية للاخرين !.
وكما اسلفت في عرض بعض مقومات الامة العربية الا اننا نملك معوقات وعقبات داخلية أمام تحقيق الوحدة العربية بل لنقل انها تحديات جسيمة ومنها:
• الانقسامات السياسية، وإختلاف الرؤى والانظمة السياسية والرغبة في زعامة تفتت ولا تجمع وتضعف ولا توحد
• ضعف التكامل الاقتصادي البيني، وكأننا اصبحنا نؤكل ولا نأكل من خيرنا
• هيمنة النفوذ الخارجي على القرار الوطني، الثقة في الغير والتشكك فيها بين انفسنا
ورغم هذا الا ان هناك رؤية واقعية للتكامل فالامر ليس مستحيلا وطالما وجدت العزيمة والارادة العربية يمكن تحقيق التكامل عبر خطوات عملية " إقتصادية، ومالية، وسياسية "
1. اقتصاديًا:
o تفعيل منطقة التجارة الحرة العربية
o إنشاء سلسلة توريد عربية متكاملة
o توحيد المواصفات القياسية
2. ماليًا:
o تطوير نظام مقاصة عربي
o زيادة المبادلات بالعملات المحلية الى حين توحيد العملة
o إنشاء صندوق نقدي عربي
3. سياسيًا:
o توحيد المواقف في المحافل الدولية
o التنسيق الأمني الاستراتيجي
o سياسة خارجية موحدة تجاه القضايا الكبرى " مجلس عربي يتم تداول رئاسته "
واخيرا نأتي للسؤال الحتمي: كيف ستواجه القوى الكبرى هذا التكامل؟
تاريخيًا، عارضت القوى العظمى أي مشروع وحدة عربية حقيقية. اليوم، يمكن توقع:
• محاولات أكثر لتعميق الانقسامات الداخلية باستخدام أدوات الضغط الاقتصادي، فضلا عن تقديم بدائل إقليمية أكثر اغراء بإعتبارها بديلة عن التكامل العربي، بل تجاوزت هذا كله حتى وصلت الى إيجاد السبيل لخلق فتنة بين مستخدمي حسابات التواصل الاجتماعي وبالاخص على منصة x نتج عنه تراشق بين ابناء الدول العربية يصل احيانا حد الاتهام والتشكيك بشكل تتسع معه رقعة الخلاف ويجعل الوحدة امرا شاقا جدا.
أدرك انه طريق شاق لكن أؤمن انه ليس مستحيلا ولكن ممكنا
رغم كل التحديات، فإن التكامل العربي لم يعد خيارًا بل ضرورة استراتيجية في عالم يتجه نحو التكتلات الكبرى، مما يستدعي متطلبات نجاح هذه الوحدة والتي لن تخرج عن الاتي:
• إرادة سياسية حقيقية، ورؤية اقتصادية واضحة، والخروج من سجن الأنا الى تغليب المصلحة العربية العليا على الخلافات البينية الثانوية
الأمر يا عرب ليس مستحيلًا، لكنه يحتاج إلى قيادة عربية واعية، وارادة عربية قوية، عزيمة في تحقيق تلك الوحدة في عالم اصبح مثل محيط مخيف مظلم، لابد كل عربي واع يدرك بأن الوحدة هي السبيل الوحيد للحفاظ على المصالح العربية في عالم لا يرحم الضعفاء ابدًا.