مجموعة QNB ترجح استمرار انتعاش أسعار النفط الخام
قال تقرير لمجموعة QNB إن تداعيات الانتشار العالمي لجائحة كورونا تسببت في ضغوط هائلة في أسواق الطاقة، ومع بداية الجائحة في النصف الأول من عام 2020، أدت صدمة الطلب السلبية بسبب عمليات الإغلاق العالمية واسعة النطاق إلى مضاعفة تأثيرات تخمة المعروض المرتبطة "بحرب الحصص السوقية" بين مصدري النفط، ما أدى بقطاع الطاقة إلى حالة من الانهيار. ونتج عن ذلك هبوط تاريخي دفع أسعار النفط الخام بسرعة إلى أدنى مستوياتها منذ عدة عقود.
وفي الواقع، كانت الأزمة شديدة لدرجة أنها تسببت في انهيار مؤقت في هيكل السوق، مع انخفاض أسعار النفط الخام المرتبطة داخليًا مثل خام غرب تكساس الوسيط إلى أسعار سلبية عميقة، إذ غصت مراكز التخزين وارتفعت تكاليف النقل. ونزل سعر خام برنت، وهو المعيار القياسي الأكثر صلة بالتجارة العالمية، إلى أدنى مستوى عند حوالي 19 دولار أمريكي للبرميل في أواخر أبريل 2020.
ومع ذلك، فإن هذا المشهد الكئيب لم يدم طويلًا. فبعد أن نزلت إلى أدنى مستوياتها في أبريل 2020، شهدت أسعار النفط الخام تحولًا ملحوظًا. وانتعشت أسعار خام برنت منذ ذلك الحين، بزيادة بنسبة 358% في غضون 20 شهرًا من أدنى مستوى لها. وتجدر الإشارة إلى أن أسعار خام برنت حاليًا هي بالفعل أعلى بنسبة 30% من مستوياتها ما قبل انتشار الجائحة، رغم أنها لا تزال متأخرة ويقل أداؤها عن المؤشرات الرئيسية الأخرى، مثل النحاس أو مؤشر S&P 500. لكن لحاق أسعار خام برنت بركب هذه المؤشرات الأخرى اكتسب زخمًا في الأشهر الأخيرة.
كان انتعاش الأسعار مدفوعًا بتعافي الطلب بشكل أسرع بكثير من المتوقع، والذي أججته سياسات التحفيز الاقتصادي والطلب القوي على السلع والإجراءات الصارمة لإدارة الإمداد من قبل الدول الأعضاء في أوبك +، بقيادة المملكة العربية السعودية وروسيا، مستقبلًا، في حين يشير إجماع توقعات بلومبيرج إلى اعتدال أسعار خام برنت إلى متوسط 74 دولار أمريكي للبرميل في عام 2022، فإننا نحتفظ بموقف مختلف. من وجهة نظرنا، من المتوقع أن تظل أسعار خام برنت مدعومة جيدًا، حيث تدور حول مستوى 85 دولار أمريكي للبرميل. موقفنا هذا مدعوم بعاملين رئيسيين.
أولًا، لا يزال النمو العالمي قويًا ومن المتوقع أن يستمر الانتعاش الدوري لفترة أطول على خلفية الانخفاض الكبير في مستويات مخزونات السلع المصنعة والموجة الجديدة من الإنفاق الرأسمالي في مشاريع البنية التحتية. بالإضافة إلى ذلك، مع تكيف العالم مع جائحة كوفيد-19، يميل المزيد من الأشخاص إلى العودة للعمل من المكاتب. ومع توفر اللقاحات والأدوية المضادة للفيروسات بشكل أكبر، سيزيد الطلب على النقل بشكل أقوى، لا سيما في السفر الجوي والسياحة. ونتوقع الإفراج عن الطلب العالمي القوي الذي كان مقيدًا في ظل مزيد من الانفتاح وعودة السياحة في النصف الثاني من عام 2022. ثانيًا، على الرغم من الإطلاق الجاري والمخطط لحصص الإنتاج من أوبك +، ظل نمو المعروض العالمي بطيئًا، حتى مع تداول النفط الخام بأسعار أكثر جاذبية. في روسيا، أدى الافتقار إلى استثمارات الحفر في الصيف الماضي إلى صعوبة زيادة الإنتاج بمعدل أسرع. علاوة على ذلك، خارج أوبك +، يستجيب منتجو النفط الصخري في الولايات المتحدة ببطء للسيناريو الجديد بسبب فرض المزيد من الانضباط الرأسمالي من قبل المستثمرين وتدهور قدرة النقل والبنية التحتية للعمليات الوسيطة والخدمات بعد الركود التاريخي في عام 2020. ويقدر المحللون أن وظيفة رد الفعل في إنتاج النفط الصخري إلى ارتفاع الأسعار تراجعت إلى النصف منذ الصدمة الوبائية، ما جعل قطاع النفط الصخري أقل أهمية في التكيف السريع مع اختلالات السوق. ومن ثم، فإن نمو الإمداد سيكون محدودًا في المدى المتوسط.
مع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن توقعات أسعار النفط معرضة بشكل خاص للصدمات في هذه المرحلة. ويمكن أن تتجسد المخاطر الهبوطية مع صدمات الطلب السلبية، بما في ذلك تفاقم محتمل للجائحة، أو حدوث مزيد من التباطؤ في الصين، أو خطأ في السياسة النقدية من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في التشديد بشكل "كثير وسريع جدًا".
ومن شأن هذا الأمر أن يدفع أسعار النفط إلى ما دون المستويات الحالية بشكل كبير. من ناحية أخرى، يمكن أن تتحقق المخاطر الصعودية في حال تسارع النمو العالمي أكثر مع انفتاح آسيا أو إذا أدت الأحداث الجيوسياسية إلى تعطيل الإمداد، مثل الصراع في أوكرانيا. ونظرًا لكون أسواق النفط الفعلية تعاني من نقص في المعروض ومخزونات الاقتصادات المتقدمة عند أدنى مستوياتها منذ أكثر من 20 عامًا، فقد يتسبب هذا الأمر في ارتفاع أسعار خام برنت بشكل سريع.
وبشكل عام، فإن الظروف مهيأة لتظل أسعار النفط الخام قوية على المدى المتوسط، حتى لو كان الجزء الأكبر من التعافي من حيث مكاسب الأسعار قد حدث بالفعل.