انضمام مصر للبريكس يُغيّر موازين القوى!.. فرص تصديرية واستثمارية هائلة وتنوع مصادر النقد الأجنبي
أعلن قادة بريكس، يوم الخميس الماضي عن انضمام مصر ضمن 6 دول جديدة إلى التكتل الاقتصادي، في خطوة تستهدف تقوية التحالف وتعزيز دوره العالمي.
جهود سياسية موفقة
وفي هذا السياق ثمّن الرئيس عبد الفتاح السيسي إعلان تجمع "بريكس" دعوة مصر للانضمام لعضويته اعتبارًا من يناير 2024، معربا عن اعتزازه بثقة دول التجمع كافة وذلك لارتباط مصر بعلاقات وثيقة مع تلك الدول، وعبر الرئيس عن تطلعه للتعاون والتنسيق مع دول التحالف خلال الفترة المقبلة، وكذا مع الدول المدعوة للانضمام لتحقيق أهداف التجمع نحو تدعيم التعاون الاقتصادي، والعمل على إعلاء صوت دول الجنوب إزاء مختلف القضايا والتحديات التنموية التي تواجهها، بما يدعم حقوق ومصالح الدول النامية.
إشادة من الخبراء والاقتصاديين
وفي السياق ذاته رحب عدد كبير من خبراء الاقتصاد والمصرفيين بانضمام مصر لتجمع البريكس، واصفين تلك الخطوة بأنها خطوة على الطريق الصحيح وتضع مصر ضمن مصاف الدول القوية والتي يمكن من خلالها تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية لاسيما مع الإمكانيات والقدرات الاقتصادية الكبيرة التي تملكها مصر والتي تؤهلها لتحقيق مؤشرات اقتصادية قوية سواء على المستوى القريب أو البعيد.
وأضاف الخبراء أن هذه الخطوة ستعمل على تخفيف الضغط على الدولار وتعزيز قوة الجنيه المصري أمام باقي العملات وتعزيز الفرص الاستثمارية والتصديرية والتدفقات الأجنبية.
انضمام مصر لتجمع «البريكس» يعزز الفرص الاستثمارية والتصديرية والتدفقات الأجنبية
أكد الدكتور محمد معيط وزير المالية، أن انضمام مصر لتجمع «البريكس» يُسهم في تعزيز الفرص الاستثمارية والتصديرية والتدفقات الأجنبية، حيث تساعد هذه الخطوة الإيجابية الإضافية التي تعكس الثقل السياسي والاقتصادي لمصر، في دعم سبل التعاون الاقتصادي وتعميق التبادل التجاري بين مصر والدول الأعضاء في هذا التجمع، الذي يُعد أحد أهم التكتلات الاقتصادية في العالم، لافتًا إلى أن تنوع الهيكل الإنتاجي والسلعي للصادرات يحقق التكامل لسلاسل الإمداد والتوريد بين دول «البريكس».
وأضاف الوزير، أن التعامل بالعملات الوطنية بين الدول الأعضاء في تجمع «البريكس» يساعد مصر في في ترشيد سلة عملات الفاتورة الاستيرادية، ومن ثم تخفيف الضغوط على الموازنة العامة للدولة التي تتحمل أعباءً ضخمة لتوفير الاحتياجات الأساسية من القمح والوقود، في أعقاب اندلاع الحرب بأوروبا وما ترتب عليها من موجة تضخمية عالمية انعكست في ارتفاع غير مسبوق لأسعار السلع والخدمات، وكذلك زيادة تكلفة التمويل من الأسواق الدولية.
وأشار الوزير، إلى أن انضمام مصر لتجمع «البريكس» يفتح آفاقًا واعدة لتوطين التكنولوجيا المتقدمة فى شتى القطاعات الاقتصادية وزيادة معدلات الإنتاج المحلي من خلال توسيع نطاق التعاون مع الدول الأعضاء، موضحًا أن مصر انضمت من قبل لعضوية بنك التنمية الجديد، وهو البنك الخاص بتجمع «البريكس» الذى يمكن أن يوفر المزيد من الفرص التمويلية الميسرة للمشروعات التنموية ومسارات التحول الأخضر على نحو يدعم المسار المصري في تحقيق أهداف التنمية الشاملة والمستدامة، وتسريع وتيرة التعافي الاقتصادي وامتلاك القدرة بشكل أكبر على احتواء التداعيات الداخلية والخارجية.
وأكد الوزير، أننا نتطلع إلى أن يكون تجمع «البريكس» صوتًا قويًا للاقتصادات الناشئة في العالم، بما يخدم مصالح البلدان النامية، ويلبي احتياجاتها التنموية، في ظل الأزمات العالمية المتتالية بدءًا من جائحة «كورونا» ثم الحرب في أوروبا بالتزامن مع تداعيات التغيرات المناخية، وما يمثله ذلك من أعباء تمويلية ضخمة.
انضمام مصر للبريكس فرصة كبيرة لخفض الإعتماد على الدولار
قال الخبير المصرفي، الدكتور عز الدين حسانين، أن مجهود القيادة السياسية للتشاور المستمر والعلاقات الطيبة والاستراتيجية مع قاده تكتل بريكس كانت المدخل الاساسي لدخول مصر لهذا التكتل الاقتصادي الكبير.
وأشار "حسانين" إلى أن مصر تحتاج لخطه اقتصاديه لرفع قيمه الصادرات المصريه لدول التكتل حتي يتم تعظيم الاستفاده من تخفيض الاعتماد علي الدولار، فلكي يتم تخفيض حقيقي لفاتورة الواردات بالدولار بمقدار 25 مليار دولار يجب تحسين الميزان التجاري مع الصين وروسيا والبرازيل أما الهند فالميزان تقريبا متساوي 3.5 مليار دولار لكل من الدولتين وكذلك الميزان مع جنوب افريقيا التي لا تحظي بحجم تبادل تجاري كبير.
وأشار إلى أنه لكي تنجح مصر في خفض الاعتماد علي الدولار يجب أولًا تحسين الميزان التجاري داخل التكتل مع الشركاء التجاريين، ثانيًا ايجاد آليه لتحويل جزء من المديونيه بالدولار الي مديونيه باليوان او الروبل الروسي، مع ضروره التعاون في المجال الزراعي والانتاج الحيواني مع البرازيل والهند لاستيراد الاحتياجات من الحبوب والانتاج الحيواني من داخل التكتل الاقتصادي مستفيدين من المعاملة الجمركية والضريبية التفضيلية فيساهم ذلك في كسر الاحتكارات الداخلية وخفض الاسعار وبالتالي التضخم.
وأضاف “حسنين” اهمية التعاون مع دول التكتل بزياده الاعداد السياحيه فاذا تم جذب 1% من سكان التكتل سيدخل مصر علي الاقل 3.5 مليون سائح، حيث يمكن الاستفاده بنقل الخبرات والتكنولوجيا والصناعات والزراعه خارج الحدود وتحقيق اكتفاء ذاتي بتعاون زراعي مشترك داخل وخارج مصر في اراضي دول التكتل.
وأخيرًا، أكد أنه لمصر فرصه رائعه للاستفاده من اهم اقطاب الصناعه في العالم روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب افريقيا.
4 فوائد اقتصادية مُباشرة من الانضمام لـ "البريكس"
من جانبه أوضح الخبير المصرفي الدكتور أيمن حسن، أن هناك 4 فوائد اقتصادية مُباشرة، فضلًا عن فوائد غير المُباشرة، تنتج عن انضمام مصر لتحالف البريكس وتتضمن: التجارة حيث أن الدول الخمسة موقعة على اتفاقية تجارة تفضيلية فيما بينها (PTA) في عام ٢٠١٥ ودخلت حيز التنفيذ في عام ٢٠١٩، فالاتفاقية تلغي التعريفات الجمركية على 90٪ من البضائع المتداولة بين دول البريكس، كما تضمن أحكام تيسير واسع في دخول المُنتجات، فيما يخص التخليص الجمركي وقواعد المنشأ.
بالإضافة إلى الاستثمار حيث أن البريكس يمتلك اتفاقية الاستثمار التفضيلي لدول البريكس (PIA) والتي تم توقيعها في ٢٠١٧ ودخلت حيز التنفيذ في عام ٢٠٢٠، وتوفر مُعاملة وطنية للمستثمرين من دول البريكس، وتتضمن أحكام بشأن حماية الاستثمار، مثل المعاملة العادلة والمنصفة والحق في التعويض عن مصادرة الملكية.
وأوضح أن دول البريكس تتعاون في تطوير التكنولوجيا ونقلها من خلال عدة قنوات، أولها وأهمها مركز البريكس لنقل التكنولوجيا ومجلس ابتكارات البريكس، أهم مجالات تفوق المركزين هم الطاقة المُتجددة والذكاء الصناعي.
وتابع حسن” أن دول البريكس تقدم قروض لدول التحالف، سواء بالدولار وباسعار مُخفضة للغاية، وبالعملات المحلية بفوايد أكثر تخفيضًا خصوصًا من الصين حيث أن الفوائد لديها على اليوان تقريبًا صفرية حاليا.
هذا بالاضافة للأهمية الاستراتيجية في عضوية أهم تكتل اقتصادي للدول النامية، ىالذي يقترب الناتج المحلي الإجمالي له بعد دخول الدول الستة من ٢٥ تريليون دولار، وهو أعلى من الناتج المحلي لأمريكا.
أما عن الفوائد غير المباشرة فهي تتمثل في الوجود ضمن تكتل اقتصادي سياسي كبير يضم دولتين لهما حق الفيتو في مجلس الامن وهما الصين وروسيا.
تعزيز أداء الجنيه مقابل العملات الأجنبية الأخرى
وفي سياق متصل أوضح حسام عيد، مدير الاستثمار بشركة انترناشونال لتداول الأوراق المالية، أن الأعلان رسميًا عن انضمام مصر إلى مجموعة البريكس لتبدأ مشاركتها بداية من عام 2024 مع الاعضاء الجدد وهم الأرجنتين وإيران والإمارات العربية والسعودية، سوف يترتب عليه زيادة التعاون والتبادل التجاري بين الدول الأعضاء لتخفيف حدة الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة على اقتصاد دول مجموعة البريكس.
وأشار “عيد” إلى أنه قد تكون مصر من أكثر الدول المستفيدة من انضمامها إلى مجموعة البريكس وذلك من خلال انخفاض الطلب على الدولار الأمريكي ووجود بديل له لاستيراد احتياجاتها من السلع والخدمات الأساسية والاتجاه إلى التعاملات بالعملة الموحدة للمجموعة. وأشار أن ذلك سوف ينعكس إيجابًا على أداء مؤشرات الاقتصاد المصري وسوف يدفعه إلى تحقيق معدلات النمو المتوقعة والمرجوة.
وأيضا سوف يساهم في تعزيز أداء الجنيه المصري مقابل العملات الأجنبية الأخرى وسوف يدفعه إلى الصعود والأداء الإيجابي. بالإضافة إلى تحرير التجارة والتعاون الجمركي بين الدول الأعضاء وتعزيز زيادة الاستثمارات ورؤوس الأموال المستثمرة بين الدول الأعضاء. وأشار إلى أن هذا الأمر يؤكد أهمية انضمام مصر لمجموعة البريكس وتأثير انضمامها الإيجابي على اقتصاد الدول الأعضاء.
تأمين إمدادات القمح وزيادة إيرادات قطاع السياحة
وفي نفس السياق قال الخبير الاقتصادي الدكتور محمد راشد، أن انضمام مصر الى تجمع بريكس، بناء على دعوة رسمية من رئيس جنوب إفريقيا رئيس القمة الحالية، سيفتح آفاق اقتصادية جديدة وتعاون استراتيجي أفضل مع دول التجمع ولا سيما في ظل الاعتماد على العملات المحلية في التبادل التجاري ولا سيما فيما يتعلق بتأمين إمدادات القمح في ظل اعتماد مصر على واردات القمح الروسي بنسبة 70% تقريبا باعتبار أن القمح الروسي هو الأكثر تنافسية بالنسبة لمصر مما يوفر ما يقارب 1.5 مليار دولار كمدفوعات لاستيراد القمح الروسي من خلال الاعتماد على العملات المحلية بديلا للدولار مما يهدىء من سوق الصرف في مصر ويخفض الطلب نسبيا على الدولار.
وأوضح أنه من ناحية أخرى فإن الانضمام لهذا التجمع الحيوى خطوة هامة للوصول إلي 30 مليون سائح خلال خمس سنوات عبر الاعتماد على العملات المحلية كما أن إلغاء التأشيرات بين الدول الأعضاء في التجمع سينشط من حركة السياحة مما يضاعف من إيرادات القطاع السياحي الذى يعتبر أحد الروافد الهامة للعملة الصعبة ويمكن الاعتماد علي العملات المحلية التى ستتدفق من سائحي دول التجمع في شراء السلع والحبوب وسد فجوة الاستيراد مع الدول الأعضاء والتجمع مما يقلل في النهاية من الاحتياج للعملة الخضراء تدريجيًا.
وأوضح مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار برئاسة الوزراء أن هناك 7 مكاسب لمصر من الإنضمام إلى تحالف البريكس تتضمن:
- تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسة الجيدة بين مصر ودول التكتل.
-الاستفادة من تعزيز التعاون البناء مع دول البريكس لدعم جهود التنمية المستدامة.
-تقليل التعاملات البينية بالدولار سيخفف من الضغط على النقد الأجنبي.
- الاستفادة من ثمار نجاح مستهدفات خلق نظام عالمي يمنح مزيدًا من الثقل للدول النامية.
- زيادة فرص الحصول على تمويلات ميسرة للمشروعات التنموية.
- تحسين عدد من المؤشرات الاقتصادية المحلية.
- رفع فرص مصر في جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبيه.
نبذة عن تحالف البريكس
يضم تجمع بريكس 5 دول رئيسية تمثل ما يزيد من 31% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وكذا نحو 40% من سكان العالم، من المتوقع أن يبلغ الناتج المحلي للتجمع بحلول 2030، نحو 50% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
ويسمح تجمع "البريكس" بالتبادل التجاري بالعملات المحلية، وهو ما من شأنه عدم وجود سيطرة لعملة دولية محددة، وإتاحة فرصة للتبادل التجاري بين الدول وبعضها البعض من خلال العملات المحلية.