بنوك 24

البنك الدولي: تعويم الجنيه المصري لم ينجح في تحفيز الصادرات

ايكونومي 24

   

كشف تقرير حديث للبنك الدولي عن أن الإصلاحات الاقتصادية التي نفذتها الحكومة المصرية لم تظهر فوائدها على القطاع الخاص في مصر بعد. وعلى الرغم من الاستقرار الاقتصادي الذي شهدته البلاد خلال الأعوام الأخيرة، يتعين على صانعي السياسات إجراء مزيد من التغيرات الهيكلية كي تتمكن البلاد من جذب مزيد من الاستثمار الخاص.

وأشار التقرير إلى أن حصة الاستثمار الخاص في الاقتصاد المصري آخذة في الارتفاع، لكنها ما زالت أقل من المتوسط التاريخي، على الرغم من النمو الاقتصادي القوي وتحسن أوضاع المالية العامة. ولفت البنك الدولي إلى أنه في حين أن مصر تعد حالياً الوجهة الأولى للاستثمار الأجنبي المباشر في أفريقيا، فإن التدفقات الوافدة إليها لا تزال منخفضة، بل وآخذة في التراجع، وفق المعايير العالمية.

وتشير البيانات الرسمية إلى تراجع صافي التدفق للداخل بحساب المعاملات الرأسمالية والمالية بنسبة 50 في المئة خلال العام المالي الماضي مسجلاً 5.4 مليار دولار، بعد أن كان 10.9 مليار دولار في العام المالي قبل السابق. وكشف تقرير أداء ميزان المدفوعات للعام المالي 2019/ 2020، عن انخفاض جملة التدفقات الداخلة للاستثمار الأجنبي المباشر في مصر بمعدل 3.4 في المئة، مسجلاً 15.8 مليار دولار مقارنة بنحو 16.4 مليار دولار خلال العام المالي قبل الماضي.

 

وارتفعت جملة تدفق الاستثمارات إلى الخارج بمعدل 2.8 في المئة بنهاية العام المالي 2019/ 2020 مسجلة نحو 8.4 مليار دولار بعد أن كان 8.2 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام السابق.

على صعيد الصادرات المصرية، كشف تقرير البنك الدولي عن أن تعويم الجنيه مقابل الدولار الأميركي، وتحرير سوق الصرف بشكل كامل في بداية نوفمبر  من عام 2016، فشل في تحفيز الصادرات.

وعلى الرغم من أن قرار تعويم الجنيه قلل من العجز التجاري للبلاد، فإن الشركات المصرية واجهت صعوبات في المنافسة على المستوى الدولي، كما أن الإيرادات لم تقترب من عائدات الدول النظيرة، وظل عدد المصدرين متراجعاً بشدة، إذ بلغت نسبة المصنعين الذين يصدرون منتجاتهم للخارج 9 في المئة فقط.

وذكر تقرير البنك الدولي أن مصر لديها القدرة على التطور لتصبح مركزاً للتجارة في المنطقة، إلا أن العوائق الجمركية وغير الجمركية تقف في طريق الشركات المحلية لكي تصبح قادرة على المنافسة دولياً وتندمج في سلاسل القيمة العالمية.

وأشار إلى اختناق المنافسة المحلية وارتفاع الأسعار واتجاه الشركات لتركيز جهودها محلياً بسبب تعريفة الاستيراد، التي تبلغ في المتوسط الآن 19 في المئة، وهو ما يجعل الاقتصاد المصري ثاني أكثر الاقتصادات حماية في العالم. ولفت إلى وجود عدد كبير من العوائق غير الجمركية، مثل بطء التخليص الجمركي وانتشار البيروقراطية وتدني مستوى البنية التحتية، وهو ما يعوق تطور الصناعات المحلية ويحد من الاستثمار الأجنبي.

ويرى البنك الدولي أن الاستثمار الخاص والأجنبي في مصر لا يجد لنفسه مجالاً للمنافسة أمام المؤسسات المملوكة للدولة، والتي يؤدي وجودها في كل قطاع تقريباً إلى "تأصيل مفهوم التوسع المفرط".

وأشار إلى أن الإعفاءات الضريبية الانتقائية لصالح المشاريع التابعة للدولة، وضعف التشريعات الخاصة بمكافحة الاحتكار، ونقص المعلومات العامة حول المؤسسات المملوكة للدولة، كل هذا يثير مخاوف بشأن نزاهة المنافسة في السوق المصرية. وكشف عن أن "الرسالة الرئيسة ليس مفادها أن المؤسسات المملوكة للدولة شيء سيئ، بل الصعوبة التي تواجه المستثمرين في اتخاذ قرارات مدروسة بشأن أوضاع السوق أو قطاع معين بسبب غياب المعلومات المالية العامة".

يعد التعارض في تنفيذ العقود بالمحاكم المصرية من العوامل التي تصعب على الشركات التنبؤ بظروف ببيئة الأعمال، ما يجعلها غير واثقة تماماً بشأن وضعها القانوني. هذا بالإضافة إلى ارتفاع التكاليف، وانتشار التأخير على نطاق واسع، ما يجعل الشركات الأجنبية في حالة من عدم يقين، ويعوق وصول معظم الشركات الصغيرة إلى النظام القضائي.

وأكد تقرير البنك الدولي أن كل هذه الأمور تمثل عوائق رئيسة أمام القطاع الخاص والاستثمار الأجنبي المباشر، إذ يعد التدقيق القانوني وإمكانية التنبؤ شرطين أساسيين لإيجاد بيئة أعمال سليمة.

وأشار إلى أن تعزيز شفافية البصمة الاقتصادية للدولة وإزالة العوائق أمام التجارة سيسهم بشكل كبير في تحويل الصناعات المحلية وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر. ولفت البنك الدولي إلى أن تحسين البنية التحتية لقطاع النقل وتبسيط الإجراءات والرسوم الجمركية، وأيضاً تحديث نظام التقاضي سيساعد في جذب مزيد من رأس المال إلى البلاد.

وذكر أن القطاع الخاص بحاجة إلى أن يلعب دوراً أكبر في صنع السياسات، مطالباً الحكومة بالتواصل بشكل أكبر مع الشركات بالتزامن مع بدء المرحلة الثانية من عملية الإصلاح الاقتصادي.

وأشار إلى أن أحد الأهداف الرئيسة للبرنامج الذي أطلقه صندوق النقد الدولي مؤخراً يتمثل في جعل بيئة الأعمال أكثر ملاءمة للقطاع الخاص. وينص قرض اتفاق الاستعداد الائتماني الذي أقره مجلس إدارة الصندوق لمصر بقيمة 5.2 مليار دولار في يونيو (حزيران) الماضي على إجراء المزيد من الإصلاحات الهيكلية المصممة لتحفيز نمو القطاع الخاص، بما في ذلك تحسين الشفافية في ما يتعلق بالمؤسسات المملوكة للدولة والحد من الروتين.

 

 

الأكثر مشاهدة